إسرائيل تقمع الصحفيين بمعركة القدس
أبو عطا أثناء اعتقاله بالقدس من قبل قوات الاحتلال (تصوير مؤسسة الأقصى للوقف والتراث)
استعانت الحكومة الإسرائيلية بشرطتها لتضييق الخناق على الصحفيين وإبعادهم عن مواقع المواجهات،
بغية عدم إفساح المجال أمامهم لتغطية وقائع قمع الانتفاضة الفلسطينية التي اشتعل فتيلها بالقدس المحتلة عقب تدشين كنيس الخراب.
ويبدو أن إسرائيل استخلصت العبر من فضائح حرب لبنان عام 2006 التي وثقتها وسائل الإعلام كافة
حيث كشفت هشاشة الاحتلال وهدمت أسطورة جيشه الذي لا يقهر،
فاستعانت بالرقابة العسكرية خلال الحرب على غزة لتكميم الأفواه وإخفاء الحقيقة.
وتمادت الحكومة الإسرائيلية في معركة القدس الراهنة باستهدافها وسائل الإعلام،
وعمدت على إبعاد الطواقم الإعلامية عن مواقع المواجهات.
وأوكلت المهمة إلى أفراد الشرطة والرقابة الميدانية حيث كانت المهمة الأساسية للشرطة الإسرائيلية
هي تعقب الصحفيين ومنعهم من تغطية الأحداث ونقلها.
في المقابل تجندت وسائل الإعلام العبرية إلى جانب المؤسسة الإسرائيلية وساهمت كعادتها بنشر الرواية الإسرائيلية
دون غيرها في محاولة لتشويه المشهد الإعلامي وواقع الأحداث.
أبو عطا: إسرائيل تشن حملة قمع غير مسبوقة على الصحفيين
اعتقال ومحاكمة
ولم تقتصر الممارسات على التضييق والتنكيل فحسب،
بل تجاوزت ذلك ووصلت إلى حد اعتقال بعض الصحفيين وتقديم لوائح اتهام بحقهم
على خلفية تغطيتهم أحداث القدس.
وقد تعرض الصحفي محمود أبو عطا وهو المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث
للاعتقال وستنظر محكمة إسرائيلية الأسبوع القادم في التهم المنسوبة إليه
لدوره بتغطية هدم باب المغاربة.
وقال أبو عطا للجزيرة نت
"الاحتلال يستهدف الإعلاميين بالقدس، ونشهد حملة قمع إعلامي غير مسبوقة
والهدف منع الصحفيين من نشر ونقل حقيقة ما يجري".
وأضاف
"الصحفي الفلسطيني جزء من المعاناة، وفي الأحداث الأخيرة بات مستهدفا بشكل مباشر
يتم تضييق الخناق عليه وعرقلة عمله وإبعاده عن مشهد الأحداث".
وتابع
"لقد وصل الأمر بأفراد الشرطة الإسرائيلية وبعد إبعاد طواقم الإعلام عن مناطق المواجهات لمطاردتنا وتعقبنا،
وكانت هناك وحدات من الشرطة ملاصقة لنا
فبمجرد أن ترفع الكاميرا كانوا يصوبون فوهات بنادقهم تجاهك".
حجب معلومات
وكان لقمع الصحفيين دور كبير في عدم توثيق حقيقة ما جرى في القدس،
فالكثير من المعلومات حجبت عن عدسات وكاميرات الصحفيين.
وقال أستاذ الصحافة والإعلام عبد الحكيم مفيد
"إسرائيل تتعامل مع الإعلام الآخر بشكل معاد،
وإعلامهم أثبت خلال العدوان على غزة وأحداث القدس أنه إعلام سلطوي يروج ويدافع عن المؤسسة الحاكمة".
وأضاف للجزيرة نت أن
"موقف الإعلام الإسرائيلي من أحداث القدس كموقف المؤسسة الحاكمة،
ويتبنى روايتها ولا يقبل أي رواية من شأنها أن تشكك أو تشير لأي شبهات بشأن الرواية الإسرائيلية".
وتابع أن
"الإعلاميين الإسرائيليين الذين تجندوا ضد القدس والأقصى ناهضوا وشنوا هجوما على زملائهم من الإعلام العربي والفلسطيني ممن قاموا بتغطية الأحداث".
وأشار إلى أن الإعلام الإسرائيلي لا يعترف بحرية الآخرين،
ولا يقبل أي تفوق للإعلام العربي عليه، وينظر للإعلاميين العرب على أنهم أعداء.
وأكد مفيد أن إسرائيل لا تميز بين صحفي عربي يغطي الأحداث ومتظاهر فلسطيني،
فجميعهم يقعون في خط المواجهة الأول،
مشيرا إلى أن الرقابة الإسرائيلية على الإعلام لم تنته وفي أحداث القدس كانت الرقابة ميدانية.
أندراوس: إسرائيل تسمح فقط بنشر ما يفيد صورتها
طوارئ وقمع
وتتعامل المؤسسة الإسرائيلية مع الإعلام وفق قوانين الطوارئ الاستعمارية منذ فترة الانتداب البريطاني،
وشرعت عام 1962 قانون "أوامر الصحافة" لتعزيز أنظمة الطوارئ وترفض حتى اليوم إجراء أي تعديلات.
وقال الباحث الراصد للإعلام الإسرائيلي زهير أندراوس
"خلال تدشين كنيس الخراب كان لافتا أن كل مؤسسة إعلامية عبرية انتدبت مراسلا ومصورا وأرسلتهما لتغطية الحفل وكل صحيفة نقلت انطباعها الإعلامي عما جرى".
وأضاف أندراوس للجزيرة نت
"السلطات الإسرائيلية فوجئت بأحداث القدس،
وسمحت للصحفيين بالدخول للمنطقة، لكن عندما شعرت بأن صورتها أصبحت سيئة أعطت الأوامر لقمع الصحفيين".
وتابع أن
"نموذج منع الحقيقة يأتي استمرارا للسياسة الإسرائيلية ومنذ العدوان على غزة بالسيطرة على المعلومات،
والسماح بنشر ما يفيد صورة إسرائيل".
وحذر أندراوس من أن هذا النهج غير الديمقراطي سيتأجج في القدس ومحيطها،
وستكثف الرقابة على الصحافة الأجنبية والدولية.
المصدر: الجزيرة