سجل الشباب المغربيون أو "الأطفال المجانين"، كما تصفهم بعض القوي السياسية، حضوراً ونجاحاً ملحوظين منذ اندلاع الثورة المغربية في 20 فبراير الماضي، والتي يراها البعض قادرة على هز عرش النظام الملكي بالمغرب، والذي ينزعج كثيراً من هذا النشاط المتصاعد، الذي يروج له الشباب على الفيس بوك والعلمانيون، وهو ما عملت المملكة على قمعه منذ 30 عاماً.
وذكرت مجلة (تايم) الأمريكية أن عشرات الآلاف من المغاربة خروجوا إلى شوارع المملكة على مستوى أكثر من 50 بلداً ومدينة، في احتجاجات نظمتها القوى السياسية الشبابية، والناشطون السياسيون المستقلون، الذين يتواصلون من خلال دعوات (فيسبوك)، ولكن المشهد الأكثر تميزاً في ثورة المغرب هو مشاركة الشباب الصغير الذين أنضجتهم ثورتهم قبل الأوان.
وأضافت المجلة أن مشهد الثورة المغربية يعاني الكثير من التوتر وربما الانقسام، وخاصة بعد أن انضم الإسلاميون لصفوف الشعب إلى جوار قوى سياسية أخرى قد لا يتوافقون معهم إطلاقاً أو يتفقون إلى حد قريب، حيث تعتبر الجماعات الإسلامية بالمغرب هي الأكثر تنظيماً واصطفافاً من غيرها من القوى السياسية الأخرى هناك، إلا أن اختلافاً كبيراً بين الصفوف الداخلية للثورة وهو ما عبرت عنه المجلة بأنها "ثورة داخل ثورة".
يقول نزار بيناماتي رئيس جماعة الرباط 20 فبراير: "الأطفال قادرون على المطالبة بحقوقهم، فمعركة الديمقراطية هي أهم أولوياتنا، فلن نتراجع عن إسقاط النظام السلطوي المغربي، وحينها تبدأ المعركة بين العلمانيين والإسلاميين لإطلاق روح المغرب الجديد، هذا هو اتجاه التاريخ، ولكن لا يمكن أن أتنبأ بمن سيفوز في المعركة، ولكن الشباب العلمانيين الذين يدعونهم بالأطفال ثابتون على موقفهم، فهم قادة الاحتجاجات المناهضة للحكومة، كما أنهم يواجهون الموت والاعتقال يومياً، والباقون منهم يحتجون بالميدان، فلا ينبغي أن يدعوهم أحد بأنهم أطفال مجانين بعد الآن".
وأوضحت المجلة أن العلمانيين والشباب الذين يريدون قدراً أكبر من التحرر والخروج من عباءة الدين التي يرتديها الإسلاميون، حيث رفضوا رفع رايات مكتوب عليها أية عبارات دينية مثل: "الله أكبر"، هذا من حيث الشكل، أما من حيث الأفكار فقد رفضوا الفصل بين الجنسين، كما تطالب أعداد كبيرة منهم بالحرية الجنسية، وإقرار حقوق الشواذ جنسياً، وهو ما يبدو أمراً صعباً في بلد إسلامي، في ظل المقاومة التي يلقاها هذا التوجه، حتى في الدول العلمانية الكبرى.
وأكدت المجلة أن الغالبية المحافظة في البلاد مصابة بالرعب من حصول المتحررين على طلباتهم، في ظل تزايد الضغوط على الملك المغربي محمد السادس، في الوقت الذي تمكن فيه الناشطون الشباب من توسيع دائرتهم وحشد دعاة حقوق الإنسان والجماعات اليسارية وشباب الطبقة المتوسطة.
ولا يزال الاتجاه المعارض لتلك المطالبات حتى من داخل صفوف الثورة المغربية ينظرون إلى الشباب على أنهم مجرد حفنة من الأطفال المجانين، حتى بعض المتعاطفين معهم.