عندما شعر مبارك بأن الحبل يضيق علي رقبته، لجأ إلي أصدقائه من ملوك ورؤساء الدول العربية لكي يكونوا جدارا عازلا يمنعه من المحاكمة ويشكلوا حماية خاصة تغلفه من كل جانب وتمنع أحدا من الاقتراب منه.. ولم يخيب هؤلاء القادة ظن الرئيس المخلوع وراحوا يمارسون ضغوطا كبيرة علي مصر ليبقي مبارك حرا دون محاسبة.. حيث منحته السعودية ما تصورت أنه فرصة أخري للإنقاذ وسمحت بإذاعة تسجيل صوتي له عبر قناة العربية يدافع فيه مبارك عن نفسه متوعدا كل من يتحدث عن فساده.
بعض الدول العربية وعلي رأسها الإمارات والكويت والسعودية وعمان والأردن حاولت لعب أدوار غريبة في المشهد الأخير وظهرت كما لو أنها تدعم الثورة المضادة في مصر، مستخدمين أسلحة ضخمة في أيديهم من نوعية سحب المساعدات والاستثمارات من مصر بل والتلويح بورقة طرد العمالة المصرية من تلك الدول وعدم السماح لأي مصري بالعمل علي أرضها لو تمت محاكمة مبارك.
فقبل إذاعة التسجيل الصوتي لمبارك كانت الضغوط العربية تشتعل ووصلت الي مداها عبر رسائل واتصالات متبادلة بين تلك الدول والمجلس العسكري بجانب لقاءات لمبعوثين ووزراء خارجية مع المشير حسين طنطاوي وكانت الحجة التي تسوقها تلك الدول هو ان محاكمة مبارك أمر معيب وأن الرجل قدم أدوارا كبري للعالم العربي خاصة في حرب الخليج كما انه ساعد علي استقرار المنطقة دون حروب كبري مع إسرائيل.
ليس هذا فقط بل إن العاهل السعودي أبلغ المجلس العسكري استعداد المملكة التام لاستضافة مبارك وأسرته بشكل رسمي ومنحهم الجنسية السعودية هربا من الضغوط الشعبية التي تريد محاكمته للحفاظ علي صورة وهيبة مبارك.
الضغوط في اتجاه عدم محاكمة مبارك لم تكن من رؤساء وملوك الدول العربية فقط وانما امتدت إلي رجال الأعمال الذين يمارسون الضغوط كل علي طريقته، فالوليد بن طلال عرض علي الحكومة المصرية أثناء مناقشة عقد بيع 100 فدان في توشكي له بالمخالفة للقانون، دفع مبلغ 4 مليارات دولار مقابل عدم محاكمة مبارك وأي من أفراد أسرته ولكن الطلب قوبل بالرفض.
وتحاول تلك الدول صنع مطبات لكي لا تسير محاكمة مبارك في الاتجاه الصحيح في موقف مضاد للثورة، واختصار مصر في شخص مبارك، ما قابله الثوار بالتمسك بتقديم مبارك للمحاكمة وهو ما تم بالفعل بعد قرار النائب العام حبسه 15 يوما علي ذمة التحقيق في الاتهامات الموجهة إليه.
وإذا كان موقف القادة يسير عكس محاكمة مبارك إلا أن الشعوب لها رأي آخر فهي مؤيدة للثورة المصرية وتؤيد محاكمة مبارك وتعارض الضغوط المبذولة من حكامهم لحمايته خاصة بعد أن تم الكشف عن مصادر ثروته وملفات الفساد الخاصة بأفراد اسرته.. فعلي السعودية والدول التي تضغط لمنع محاكمة مبارك كما يقول الناشط السياسي بحركة كفاية جورج اسحق ان تكف أيديها عن مصر فلن يستطيعوا تكرار سيناريو البحرين فالثورة التي اندلعت للقضاء علي الفساد لن تقبل أن يتدخل أحد ليعارضها ويقضي علي اهدافها وعلي رأسها محاكمة المفسدين.
وحذر إسحق الدول العربية من استمرار الضغوط التي تأتي بنتائج عكسية دائما كما ان مبارك الذي يتلاعب لمنع محاكمته في جرائم السرقة ونهب المال العام ويستعين بأصدقائه فليحاكم سياسيا وساعتها لن تسيطيع أي دولة مهما كانت أن تقف في وجه الثورة مرة أخري فمصر أعلم بما يحدث فيها وسوف يستمر الضغط الشعبي والمظاهرات المليونية مندلعة إلي أن يحاكم مبارك.
وبتأكيدات فؤاد رياض قاضي المحكمة الدولية وعضو لجنة استرداد الأموال من الخارج، فإن هناك ضغوطا أجنبية وليست عربية فقط لمنع محاكمة مبارك وأسرته، والتهديد بمنع المساعدات الاقتصادية لو تمت محاكمة مبارك ورجاله مضيفا: كما أن هناك ضغوطا من تيارات سياسية مصرية تفتعل أزمات داخلية حتي يغض المجلس العسكري الطرف عن المحاكمات السياسية وما يفعله السلفيون خير دليل علي ذلك فهم أشاعوا الرعب في نفوس الناس وهوما كان يسعي إليه النظام السابق حتي يخشي الشعب من أي نظام جديد بافتعالهم أزمات مع الأقباط وارتكاب جرائم باسم الدين، في فخ سياسي تنصبه جماعة تمول من الخارج لمساعدة النظام المخلوع فهم كانوا جزءا منه والآن ينفذون واجبهم في حمايته