أنظار الثوار وأمهات الشهداء معلقة بوعد المجلس العسكري وحكومة شرف بمحاكمة عادلة وفعلية..بينما مؤشرات ما يجري علي الأرض تنبئ بكثير من المفاجآت، أهمها أن مبارك لن يحاكم أبدا.
عقب الإعلان عن التعديل الوزاري توالت الأخبار الواردة من مستشفي شرم الشيخ عن دخول مبارك في غيبوبة وتوقف قلبه لعدة دقائق وعجزه عن الحركة ودخوله في اكتئاب مزمن..في حين كشفت بعض المصادر أن صحة الرئيس المخلوع سيئة منذ ما يقرب من 3 أسابيع وأن مرض السرطان بدأ في الانتشار في أنحاء متفرقة من الجسم حتي وصل إلي الركبة فضلا عن معاناته من ارتشاح في البطن استدعي إجراء جراحة قسطرة عاجلة وسط قصور حاد في أنظمة الكبد وضعف الدورة الدموية مما أدي الي صعوبة التحرك لم يرق إلي مستوي الغيبوبة.
ويبدو أن الرهان كبير علي القدر لدي جهات عدة في التخلص من ورطة محاكمة مبارك..ربما استنادا إلي أحد التقارير الطبية الألمانية والذي حدد 10 أشهر لانتشار الورم في أنحاء الجسم وبالتالي ما يرفع من احتمالات الوفاة قبل نهاية أي محاكمة متوقعة.
ولكن ما لم يذكره التقرير أن مبارك متمسك بالحياة الآن اكثر من أي وقت مضي وأنه قاوم المرض لحظة انتقاله الي المستشفي..وبحسب المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض الأسبق فإن مبارك أصبح مثل الأطفال كلما شعر بقرب محاكمته بكي ودخل في اكتئاب واشتد عليه المرض.
لكن مبارك الذي خضع لضغوط نفسية عديدة أثناء التحقيقات توقع معها الأطباء انهيار حالته النفسية إلا أنه تحمل وأصر وبدا اكثر تماسكا..
إذن يبدو المراهنون علي القدر أمام ورطة..لا ينهيها إلا سيناريو مثير يطرحه اللواء وجيه عفيفي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي يؤكد أن التخلص من حياة مبارك أمر وارد جدا ، وأن بعض رجال الأعمال والهيئات الفاسدة لها مصلحة عليا في اغتياله.هو يقول: مع بدء محاكمة بعض رموز الفساد في عهده فإن استمرار حياته يمثل خطورة أكبر علي هؤلاء.
واضاف: اعتقاد البعض بأن وفاة مبارك يمكن أن تحل الأزمات المتشعبة في المرحلة الأولي من الثورة فإن ذلك غير مجد، خاصة أن أوجه الفساد العديدة التي كان يمارسها نظام مبارك كشف عنها وبالتالي لا يمكن أن يغفر أحد لمبارك ولأسرته الآن ومع ذلك فأنا أري أن المحاكمة العادلة هي التي يمكن أن تحقق النتيجة الإيجابية وتهدئ الشارع المصري وبالتالي تتحقق مطالب الثورة في إسقاط النظام فعليا ومحاكمة الرئيس السابق.
فيما يعتبر الناشط أحمد بهاء الدين شعبان أن الحالة النفسية تلعب دورا كبيرا في مقاومة المرض ، وقال: مبارك تعرض لضغوط نفسية عميقة بعد الثورة استطاع ان يتحملها لكنه لم يستطع أن يقاوم المليونيات الاخيرة فساءت حالته وبالتالي قلت مقاومته للمرض وأعتقد ان هذا السيناريو سيرفع الحرج عمن يتولون السلطة في مصر الذي يعامل معظمهم مبارك علي أنه رئيس دولة متمتع بمميزات غير طبيعية في المحاكمة فمازال الي الآن في حجره مكيفة داخل مستشفي رغم أنه من المفترض أن يكون في إحدي حجرات سجن طرة.
بينما يتبني محمد الجوادي أستاذ العلوم السياسية فكرة أن مبارك قد يقدم علي الانتحار خاصة وأن عددا كبيرا من الزعماء المستبدين أنهوا حياتهم بأيديهم للهروب من المذلة..مضيفا: هناك تسريبات خاطئة تصدر عن صحة مبارك هدفها خلق حاله وجدانية متعاطفة مع الرئيس المخلوع من أجل أن يغير «التحرير» قراره بشأن المحاكمة ولكن كثرة التسريبات وتكرارها وتضاربها في الوقت نفسه دمر هذا الحل وعلي المدي الطويل فقد هذا التأثير قيمته بل وجاء بنتيجه عكسية.
سألت الجوادي: لو لم يمت مبارك هل سنشاهده في قفص المحاكمة يوم 3 أغسطس؟..أجاب : بالطبع لا ،لأن أطباء يحضرون لحقنه بعقاقير مثبطة ذات أثر قصير مثل أدوية رفع الضغط لمدة ساعتين بحيث يسجل اي كشف طبي أنه غير قادر علي حضور جلسات المحاكمة.
الباحث السياسي عمار علي حسن يري أن مرض مبارك سياسي، قائلا: أعتقد أن مبارك يتمارض وأن تقارير طبية بأن صحته لا تسمح بمثوله أمام هيئة المحكمة..وأشار إلي أن الشارع يريد محاكمة علنية لمبارك وهذا لن يتحقق لأن مبارك لو تحدث سيدين رجالا موجودين في السلطة حتي هذه اللحظة وليس من مصلحتهم ان يقدم مبارك الي محاكمة عادلة لأن ذلك سيكشف كثيرا من الحقائق الخفية.
وأكد عمار أن هناك جهات يهمها الحفاظ علي مبارك بدليل الموافقة علي حضور الأطباء الألمان إلي القاهره ليشاركوا في كتابة تقرير وفاة مبارك ويسجلوا ملاحظاتهم حول «الموت الطبيعي».