موضوع: د , السرجاني سلسلة التاتار في عين جالوت الإثنين 19 سبتمبر 2011 - 17:40
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة اليكم الملخص الكتابى للسلسة الرائعة التتار من البداية الى عين جالوت ( موضحة بالخرائط )
تعريف بالكاتب:
وُلِدَ الدكتور / راغب السرجاني عام 1964 م بمحافظة الغربية بمصر وتخرَّج في كليه الطب جامعة القاهرة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 1988 م، ثم حصل على درجة الماجستير 1992 م من جامعة القاهرة، والدكتوراه بإشراف مشترك بين مصر وأمريكا 1998 م(في تخصص جراحة المسالك البولية والكلى). وهو الآن أستاذ مساعد في كلية الطب جامعة القاهرة. أتمَّ الدكتور راغب السرجاني حفظ القرآن الكريم سنة 1991 م. له اهتمامات واسعة بقضايا الأمة الإسلامية وهمومها المختلفة منطلقا من فهم عميق للتاريخ الإسلامي وما يحفل به من عبر ودروس و تطبيقات للكثير من سنن الله في خلقه.. يركز الدكتور راغب السرجاني في دراسته التاريخية على جوانب مهمة من بينها: 1- عوامل قيام النهضة في مختلف مراحل التاريخ، ومدى الاستفادة منها في إعادة بناء الأمة الإسلامية اليوم. 2- بعث الأمل في نفوس المسلمين (وخاصة الشباب) في إمكانية نهوض الأمة الإسلامية وارتفاعها مهما بدا الواقع مظلمًا(بالنظر إلى دورات مشابهة في تاريخ الأمة). 3- إظهار الوجه الحقيقي للتاريخ الإسلامي بما كان يميزه من حضارة فريدة في مذاقها الإنساني والخُلُقي والعلمي والجمالي... على عكس ما يظهر عليه ذلك التاريخ عند الكثيرين مليئًا بالصراعات، مقتصرًا على الجوانب السياسية فقط. على مدار عشرين عامًا من التواصل العميق مع كنوز التاريخ الإسلامي.. وعبر العديد والعديد من دول العالم في أمريكا الشمالية وأوروبا إلى جانب مصر ودول الخليج العربي؛ أسهم الدكتور راغب السرجاني بالمئات من الإسهامات العلمية والدعوية ما بين محاضراتٍ وكتبٍ ومقالاتٍ وتحليلاتٍ للتاريخ والواقع الإسلامي. صدر له حتى الآن 18 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي. قدَّم عدة برامج على الفضائيات المختلفة. له المئات من المحاضرات والأشرطة الإسلامية صدر منها على هيئة أشرطة مسموعة: الأندلس من الفتح إلى السقوط (12 محاضرة). فلسطين... حتى لا تكون أندلساً أخرى (12 محاضرة). أبو بكر الصديق رضي الله عنه الصاحب والخليفة (6 محاضرات). أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأحداث السقيفة (6 محاضرات). في ظلال السيرة النبوية (العهد المكي والعهد المدني) (46 محاضرة). قصة التتار من البداية إلى عين جالوت (12 محاضرة). كن صحابياً (12 محاضرة). كيف تصبح عالمًا؟! (10 محاضرات). وللمزيد من المعلومات يمكنكم الدخول على موقعه : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ظهرت قوة التتار في أوائل القرن السابع الهجري، وحتى نفهم الظروف التي نشأت فيها هذه القوة لابد من إلقاء نظرة على واقع الأرض في ذلك الزمان..
الناظر إلى الأرض في ذلك الوقت يجد أن القوى الموجودة كانت متمثلة في فئتين رئيسيتين:
أما الفئة الأولى فهي أمة الإسلام..
المساحات الإسلامية في هذا الوقت كانت تقترب من نصف مساحات الأراضي المعمورة في الدنيا.. كانت حدود البلاد الإسلامية تبدأ من غرب الصين وتمتد عبر آسيا وأفريقيا لتصل إلى غرب أوروبا حيث بلاد الأندلس..
وهي مساحة شاسعة للغاية، لكن وضع العالم الإسلامي - للأسف الشديد - كان مؤلماً جداً.. فمع المساحات الواسعة من الأرض، ومع الأعداد الهائلة من البشر، ومع الإمكانيات العظيمة من المال والمواد والسلاح والعلوم.. مع كل هذا إلى أنه كانت هناك فرقة شديدة في العالم الإسلامي، وتدهور كبير في الحالة السياسية لمعظم الأقطار الإسلامية.. والغريب أن هذا الوضع المؤسف كان بعد سنوات قليلة من أواخر القرن السادس الهجري.. حيث كانت أمة الإسلام قوية منتصرة متحدة رائدة.. ولكن هذه سُنة ماضية: وتلك الأيام نداولها بين الناس
العالم الإسلامي في أوائل القرن السابع الهجري ولنلق نظرة على العالم الإسلامي في أوائل القرن السابع الهجري: 1ـ الخلافة العباسية: وهي خلافة قديمة جدًا؛ فقد نشأت بعد سقوط الدولة الأموية العظيمة في سنة 132 هـ.. وكانت - في مطلع القرن السابع الهجري - قد ضعفت جداً، حتى أصبحت لا تسيطر حقيقة إلا على العراق، وتتخذ من بغداد عاصمة لها منذ سنة132 هجرية... وحول العراق عشرات من الإمارات المستقلة استقلالاً حقيقياً عن الخلافة، وإن كانت لا تعلن نفسها كخلافة منافسة للخلافة العباسية.. فتستطيع أن تقول: إن الخلافة العباسية كانت "صورة خلافة" وليست خلافة حقيقية.. وكانت كالرمز الذي يحب المسلمون أن يظل موجوداً حتى وإن لم يكن له دور يذكر.. تماماً كما يُبقى الإنجليز الآن على ملكة إنجلترا كرمز تاريخي فقط، دون دور يذكر لها في الحكم، بخلاف الخليفة العباسي الذي كان يحكم فعليًا منطقة العراق باستثناء الأجزاء الشمالية منها. وكان يتعاقب على حكم المسلمين في العراق خلفاء من بني العباس.. حملوا الاسم العظيم الجليل: "الخليفة"، ولكنهم (في هذه الفترة من لقرن السابع الهجري) ما اتصفوا بهذا الاسم أبداً, ولا رغبوا أصلاً في الاتصاف به؛ فلم يكن لهم من همّ إلا جمع المال، وتوطيد أركان السلطان في هذه الرقعة المحدودة من الأرض.. ولم ينظروا نظرة صحيحة أبداً إلى وظيفتهم كحكام.. لم يدركوا أن من مسئولية الحاكم أن يوفر الأمان لدولته، ويقوي من جيشها، ويرفع مستوى المعيشة لأفراد شعبه، ويحكم في المظالم، ويرد الحقوق لأهلها، ويجير المظلومين، ويعاقب الظالمين، ويقيم حق الله عز وجل على العباد، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدافع عن كل ما يتعلق بالإسلام، ويوحد الصفوف والقلوب... لم يدركوا هذه المهام الجليلة للحاكم المسلم، كل ما كانوا يريدونه فقط هو البقاء أطول فترة ممكنة في كرسي الحكم, وتوريث الحكم لأبنائهم، وتمكين أفراد عائلتهم من رقاب الناس، وكذلك كانوا يحرصون على جمع الأموال الكثيرة، والتحف النادرة، ويحرصون على إقامة الحفلات الساهرة، وسماع الأغاني والموسيقى والإسراف في اللهو والطرب. حياة الحكام كانت حياة لا تصلح أن تكون لفرد من عوام أمة الإسلام فضلاً عن أن تكون لحاكم أمة الإسلام.. لقد ضاعت هيبة الخلافة.. وتضاءلت طموحات الخليفة!.. كانت هذه هي "الخلافة" العباسية في أوائل القرن السابع الهجري.. 2ـ مصر والشام والحجاز واليمن: كانت هذه الأقاليم في أوائل القرن السابع الهجري في أيدي الأيوبيين أحفاد صلاح الدين الأيوبي، ولكنهم - للأسف - لم يكونوا على شاكلة ذلك الرجل العظيم.. بل تنازعوا الحكم فيما بينهم, وقسَّموا الدولة الأيوبية الموحدة (التي هزمت الصليبيين في حطين هزيمة منكرة) إلى ممالك صغيرة متناحرة!! فاستقلت الشام عن مصر، واستقلت كذلك كل من الحجاز واليمن عن الشام ومصر.. بل وقسمت الشام إلى إمارات متعددة متحاربة!!.. فانفصلت حمص عن حلب ودمشق.. وكذلك انفصلت فلسطين والأردن، وما لبثت الأراضي التي كان حررها صلاح الدين من أيدي الصليبيين أن تقع من جديد في أيديهم بعد هذه الفرقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.. 3ـ بلاد المغرب والأندلس: كانت تحت إمرة "دولة الموحدين".. وقد كانت فيما سبق دولة قوية مترامية الأطراف تحكم مساحة تمتدّ من ليبيا شرقاً إلى المغرب غرباً، ومن الأندلس شمالاً إلى وسط أفريقيا جنوباً.. ومع ذلك ففي أوائل القرن السابع الهجري كانت هذه الدولة قد بدأت في الاحتضار.. وخاصةً بعد موقعة "العقاب" الشهيرة سنة 609 هجرية، والتي كانت بمثابة القاضية على هذه الدولة الضخمة.. دولة الموحدين.. 4ـ خوارزم: كانت الدولة الخوارزمية دولة مترامية الأطراف، وكانت تضم معظم البلاد الإسلامية في قارة آسيا.. تمتد حدودها من غرب الصين شرقاً إلى أجزاء كبيرة من إيران غرباً.. وكانت هذه الدولة على خلاف كبير مع الخلافة العباسية.. وكانت بينهما مكائد ومؤامرات متعددة، ومالت الدولة الخوارزمية في بعض فترات من زمانها إلى التشيع، وكثرت فيها الفتن والانقلابات، وقامت في عصرها حروب كثيرة مع السلاجقة والغوريين والعباسيين وغيرهم من المسلمين.. 5ـ الهند: كانت تحت سلطان الغوريين في ذلك الوقت، وكانت الحروب بينهم وبين دولة خوارزم كثيرة ومتكررة.. 6ـ فارس: وهي إيران الحالية، وكانت أجزاء منها تحت سلطان الخوارزميين، وكانت الأجزاء الغربية منها - والملاصقة للخلافة العباسية - تحت سيطرة طائفة الإسماعيلية، وهي طائفة من طوائف الشيعة كانت شديدة الخبث، ولها مخالفات كثيرة في العقيدة جعلت كثيراً من العلماء يخرجونهم من الإسلام تماماً.. خلطت طائفة الإسماعيلية الدين بالفلسفة، وكانوا أصلاً من أبناء المجوس؛ فأظهروا الإسلام وأبطنوا المجوسية، وتأولوا آيات القرآن على هواهم، وهم إحدى فرق الباطنية، الذين يؤمنون بأن لكل أمـر ظاهر في الدين أمرًا آخـر باطنًا خفيًّا لا يعلمه إلا بعض الناس (وهم من أولئك الناس) ولا يُطلعون أحدًا على تأويلاتهم، إلا الذين يدخلون معهم في ملتهم، وهم ينكرون الرسل والشرائع، ومن أهم مطالبهم "الملك والسلطان"؛ ولذلك فهم مهتمون جدًا بالسلاح والقتال.. وعلى العموم، فإن "الإسماعيلية" من أخطر طوائف الباطنية، وقد كانت سببًا دائمـًا لتحريف العقيدة والدين، ولقلب أنظمة الحكم الإسلامية، ولاغتيال الشخصيات الإسلامية البارزة، سواء كانوا خلفاء أو أمراء أو علماء أو قواداً. 7- الأناضول (تركيا): وهذه المنطقة كانت تُحكم بسلاجقة الروم، وأصول السلاجقة ترجع إلى الأتراك، وكان لهم في السابق تاريخ عظيم وجهاد كبير، وذلك أيام القائد السلجوقي المسلم الفذ "ألب أرسلان" رحمه الله، ولكن للأسف فإن الأحفاد الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة الحساسة والخطيرة والملاصقة للإمبراطورية البيزنطية كانوا على درجة شنيعة من الضعف أدت إلى مواقف مؤسفة من الذل والهوان.. وبعد.. فهذه نظرة على الأمة الإسلامية في ذلك الوقت.. ونلاحظ أنه قد انتشرت فيها الفتن والمؤامرات، وتعددت فيها الحروب بين المسلمين وإخوانهم في الدين، وكثرت فيها المعاصي والذنوب، وعم الترف والركون إلى الدنيا.. وهانت الكبائر على قلوب الناس.. حتى كثر سماع أن هذا ظلم هذا، وأن هذا قتل هذا، وأن هذا سفك دم هذا.. يقال هذا الكلام بدم بارد.. وكأن الأرواح التي تزهق ليست بأرواح بشر!.. وقد عُلم على وجه اليقين أن من كان هذا حاله فلا بد من استبداله!!.. وأصبح العالم الإسلامي ينتظر كارثة تقضي على كل الضعفاء في كل هذه الأقطار، ليأتي بعد ذلك جيل من المسلمين يغير الوضع، ويعيد للإسلام هيبته، وللخلافة قوتها ومجدها.. القوة الثانية في الأرض في أوائل القرن السابع الهجري كانت قوة الصليبيين.. وكان المركز الرئيسي لهم في غرب أوروبا، حيث لهم هناك أكثر من معقل.. وقد انشغلوا بحروب مستمرة مع المسلمين.. فكان نصارى إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا يقومون بالحملات الصليبية المتتالية على بلاد الشام ومصر، وكان نصارى أسبانيا والبرتغال- وأيضاً فرنسا - في حروب مستمرة مع المسلمين في الأندلس.. وبالإضافة إلى هذا التجمع الصليبي الضخم في غرب أوروبا كانت هناك تجمعات صليبية أخرى في العالم، وكانت هذه التجمعات أيضاً على درجة عالية من الحقد على الأمة الإسلامية، وكانت الحروب بينها وبين العالم الإسلامي على أشدها، وكانت أشهر هذه التجمعات كما يلي: 1- الإمبراطورية البيزنطية: وحروبها مع الأمة الإسلامية شرسة وتاريخية، ولكنها كانت في ذلك الوقت في حالة من الضعف النسبي والتقلص في القوة والحجم؛ فلم يكن يأتي من جانبها خطر كبير، وإن كان الجميع يعلم قدر الإمبراطورية البيزنطية. 2- مملكة أرميني: وكانت تقع في شمال فارس وغرب الأناضول، وكانت أيضاً في حروب مستمرة مع المسلمين، وخاصة السلاجقة. 3- مملكة الكُرج: وهي دولة جورجيا حالياً، ولم تتوقف الحروب كذلك بينها وبين أمة الإسلام، وتحديدًا مع الدولة الخوارزمية. 4- الإمارات الصليبية في الشام وفلسطين وتركيا: وهذه الإمارات كانت تحتل هذه المناطق الإسلامية منذ أواخر القرن الخامس الهجري (بدءاً من سنة491 هجرية). وعلى الرغم من انتصارات صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - على القوات الصليبية في حطين وبيت المقدس وغيرها إلا أن هذه الإمارات لا زالت باقية، بل ولا زالت من آن إلى آخر تعتدي على الأراضي الإسلامية المجاورة غير المحتلة، وكانت أشهر هذه الإمارات: أنطاكية وعكا وطرابلس وصيدا وبيروت. وهكذا استمرت الحروب في كل بقاع العالم الإسلامي تقريباً، وزادت جداً ضغائن الصليبيين على أمة الإسلام.. وشاء الله سبحانه تعالى أن تكون نهاية القرن السادس الهجري سعيدة جداً على المسلمين، وتعيسة جداً على الصليبيين، فقد أذن الله عز وجل في نهاية القرن السادس الهجري بانتصارين جليلين لأمة الإسلام على الصليبيين.. فقد انتصر البطل العظيم "صلاح الدين الأيوبي" رحمه الله على الصليبيين في موقعة "حطين" في الشام، وذلك في عام 583 هجرية، وبعدها بثماني سنوات فقط انتصر البطل الإسلامي الجليل "المنصور الموحدي" - رحمه الله - زعيم دولة الموحدين على نصارى الأندلس في موقعة "الأرك" الخالدة في سنة591 هجرية.. وبالرغم من هذين الانتصارين العظيمين إلا أن المسلمين في أوائل القرن السابع الهجري كانوا في ضعف شديد، وذلك بعد أن تفكك شمل الأيوبيين بوفاة صلاح الدين الأيوبي، وكذلك انفرط عقد الموحدين بعد وفاة المنصور الموحدي، غير أن الصليبيين كانوا كذلك في ضعف شديد لم يمكنهم من السيطرة على البلاد المسلمة، وإن كانت رغبتهم في القضاء عليها قد زادت.. كان هذا هو وضع العالم في أوائل القرن السابع الهجري.. وبينما كان هذا هو حال الأرض في ذلك الوقت، ظهرت قوة جديدة ناشئة قلبت الموازين، وغيرت من خريطة العالم، وفرضت نفسها كقوة ثالثة في الأرض.. أو تستطيع أن تقول: إنها كانت القوة الأولى في الأرض في النصف الأول من القرن السابع الهجري.. هذه القوة هي قوة دولة التتار أو المغول!!.. من هم التتار؟ ظهرت دولة التتار في سنة603 هجرية تقريباً، وكان ظهورها الأول في "منغوليا" في شمال الصين، وكان أول زعمائها هو "جنكيزخان".. و"جنكيزخان" كلمة تعني: قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم، أو القوي.. حسب الترجمات المختلفة للغة المنغولية.. واسمه الأصلي "تيموجين".. وكان رجلاً سفاكاً للدماء.. وكان كذلك قائداً عسكرياً شديد البأس.. وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله.. وبدأ في التوسع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به، وسرعان ما اتسعت مملكته حتى بلغت حدودها من كوريا شرقاً إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية غرباً، ومن سهول سيبريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً.. أي أنها كانت تضم من دول العالم حاليًّا: (الصين ومنغوليا وفيتنام وكوريا وتايلاند وأجزاء من سيبيريا.. إلى جانب مملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان!!) ويطلق اسم التتار ـ وكذلك المغول ـ على الأقوام الذين نشئوا في شمال الصين في صحراء "جوبي"، وإن كان التتار هم أصل القبائل بهذه المنطقة.. ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة "المغول"، وقبائل "الترك" و"السلاجقة" وغيرها، وعندما سيطر "المغول" - الذين منهم جنكيزخان - على هذه المنطقة أطلق اسم "المغول" على هذه القبائل كلها. وكان للتتار ديانة عجيبة، هي خليط من أديان مختلفة.. فقد جمع جنكيزخان بعض الشرائع من الإسلام والبعض من المسيحية، والبعض من البوذية، وأضاف من عنده شرائع أخرى، وأخرج لهم في النهاية كتاباً جعله كالدستور للتتار وسمى هذا الكتاب بـ "الياسك" أو "الياسة" أو"الياسق".. وكانت حروب التتار تتميز بأشياء خاصة جداً مثل: 1ـ سرعة انتشار رهيبة.. 2ـ نظام محكم وترتيب عظيم.. 3ـ أعداد هائلة من البشر.. 4ـ تحمل ظروف قاسية.. 5ـ قيادة عسكرية بارعة.. 6ـ أنهم بلا قلب!!... فكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية.. فكان من السهل جداً أن ترى في تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا فدمروا كل المدينة وقتلوا سكانها جميعاً.. لا يفرقون في ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين رضيع وشاب، ولا بين صغير وشيخ، ولا بين ظالم ومظلوم، ولا بين مدني ومحارب!!.. إبادة جماعية رهيبة، وطبائع دموية لا تصل إليها أشد الحيوانات شراسة.. وكما يقول الموفق عبد اللطيف في خبر التتار: "وكأن قصدهم إفناء النوع، وإبادة العالم، لا قصد الملك والمال".. 7ـ رفض قبول الآخر.. والرغبة في تطبيق مبدأ "القطب الواحد!".. فليس هناك طرح للتعامل مع دول أخرى محيطة.. والغريب أنهم كانوا يتظاهرون دائماً بأنهم ما جاءوا إلا ليقيموا الدين، ولينشروا العدل، وليخلصوا البلاد من الظالمين!!.. 8ـ أنهم لا عهد لهم.. فلا أيسر عندهم من نقض العهود وإخلاف المواثيق.. لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. كانت هذه صفة أصيلة لازمة لهم، لم يتخلوا عنها في أي مرحلة من مراحل دولتهم منذ قيامها وإلى أن سقطت.. هذه هي السمات التي اتصف بها جيش التتار، وهي صفات تتكرر كثيراً في كل جيش لم يضع في حسبانه قوانين السماء وشريعة الله عز وجل.. فالذي يملك القوة ويفتقر إلى الدين لابد أن تكون هذه صورته.. قد يتفاوتون في الجرائم والفظائع.. لكنهم في النهاية مجرمون.. كانت حروب المرتدين قريباً من هذا.. كذلك حروب الفرس.. وكذلك كانت حروب الرومان.. وكذلك كانت حروب الصليبيين في الشام ومصر.. وكذلك كانت حروب الصليبيين في الأندلس.. ثم سار على طريقتهم بعد ذلك أتباعهم من المستعمرين الأسبان والبرتغال والإنجليز والفرنسيين والطليان واليهود.. ثم الأمريكان!!.. قد يختلف الشكل الخارجي.. وقد تختلف الوجوه والأجسام.. ولكن القلوب واحدة.. حقد وضغينة وشحناء وبغضاء على كل ما هو مسلم، أو كل ما هو حضاري.. وسبحان الله إذ يقول في حقهم جميعاً: [أتواصَوا به؟! بل هم قوم طاغون] القوى الموجودة في ذلك الوقت إذن.. كملخص للقوى الموجودة على الساحة في أوائل القرن السابع الهجري نستطيع أن نقول: إنه كانت هناك ثلاث قوى رئيسية: 1ـ قوة الأمة الإسلامية: وهي قوة ذات تاريخ عظيم.. وأمجاد معروفة، لكنها تمر بفترة من فترات ضعفها.. وهذا الضعف- وإن كان شديداً- إلا أنه لم يسقط هيبة الأمة تماماً.. لأن أعداءها كانوا يعلمون أن أسباب النصر وعوامل القوة مزروعة في داخل الأمة، وإنما تحتاج فقط إلى من يستخرجها وينميها.. 2ـ قوة الصليبيين: وهم وإن كانوا أيضاً في حالة ضعف، وفي حالة تخلف علمي وحضاري شديد بالمقارنة بالأمة الإسلامية.. إلا أنهم قوة لا يستهان بها.. لكثرة أعدادهم، وشدة حقدهم، وإصرارهم على استكمال المعركة مع المسلمين إلى النهاية.. وصدق الله العظيم إذ يصفهم بقوله: [ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا].. وكانت قوة الإسلام وقوة الصليبيين تمثلان سوياً قوة العالم القديم في ذلك الوقت.. 3ـ قوة التتار: وهي قوة همجية بشعة.. وهي قوة بلا تاريخ.. وبلا حضارة.. ظهرت فجأة.. وليس عندها مخزون ثقافي أو حضاري أو ديني يسمح لها بالتفوق على غيرها.. فكان لابد لها من الاعتماد على القوة الهمجية والحرب البربرية لفرض سطوتها على من حولها.. وكانت قوة التتار تمثل العالم الجديد في ذلك الوقت.. ومن سنة الله عز وجل أن يحدث الصراع بين القوى المختلفة.. والتدافع بين الفرق المتعددة.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الأقوياء المفتقرين إلى الدين لا يقبلون بوجود الضعفاء إلى جوارهم.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الباطل- مهما تعددت صوره- لابد أن يجتمع لحرب الحق.. ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الحرب بين الحق والباطل لابد أن تستمر إلى يوم القيامة.. إذا وضعنا كل هذه السنن في أذهاننا، فإننا يجب أن نتوقع تعاوناً بين التتار والصليبيين - على اختلاف توجهاتهم وسياستهم ونظرياتهم- لحرب المسلمين.. وهذا - سبحان الله- ما حدث بالضبط!.. أرسل الصليبيون وفداً رفيع المستوى من أوروبا إلى منغوليا (مسافة تزيد على اثني عشر ألف كيلو متر ذهاباً فقط!!) يحفزونهم على غزو بلاد المسلمين، وعلى إسقاط الخلافة العباسية، وعلى اقتحام "بغداد" درة العالم الإسلامي في ذلك الوقت.. وعظموا لهم جداً من شأن الخلافة الإسلامية، وذكروا لهم أنهم - أي الصليبيين - سيكونون عوناً لهم في بلاد المسلمين، وعيناً لهم هناك.. وبذلك تم إغراء التتار إغراءً كاملاً.. وقد حدث ما توقعه الصليبيون.. سال لعاب التتار لأملاك الخلافة العباسية، وقرروا فعلاً غزو هذه البلاد الواسعة الغنية بثرواتها المليئة بالخيرات.. هذا مع عدم توافق التتار مع الصليبيين في أمور كثيرة.. بل ستدور بينهم بعد ذلك حروب في أماكن متفرقة من العالم، ولكنهم إذا واجهوا أمة الإسلام، فإنهم يوحّدون صفوفهم لحرب الإسلام والمسلمين.. وهذا الكلام ليس غريبًا, بل هو من الطرق الثابتة لأهل الباطل في حربهم مع المسلمين.. تعاون قبل ذلك اليهود مع المشركين لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم مع الاختلاف الكبير في عقائد اليهود عن عقائد المشركين.. بل تعاون الفرس مع الروم في حرب المسلمين مع شدة الكراهية بين الدولتين الكبيرتين فارس والروم.. ومع الثارات القديمة، والخلافات المستمرة والحروب الطويلة.. وتعاون الإنجليز مع اليهود لإسقاط الخلافة العثمانية، ولاحتلال فلسطين، وزرْع إسرائيل في داخل هذه الأرض المباركة.. مع شدة العداء بين اليهود والنصارى.. ويتعاون الروس مع الأمريكان الآن في القضاء على ما يسمونه الإرهاب الإسلامي.. فتسهل روسيا لأمريكا حروبها في أفغانستان والعراق وفلسطين.. على أن تسهل أمريكا لروسيا حربها في الشيشان.. والضحية في الحالين من المسلمين.. إذن.. اتحاد أهل الباطل في حربهم ضد المسلمين أمر متكرر.. وسنّة ماضية.. ولذلك.. لا يستقيم أن يتعامل المسلمون بالمبدأ القائل: "عدو عدوي صديقي", بل لابد أن يعرف المسلمون أعداءهم، ولابد أن يعرفوا أيضاً أن عدو عدوهم قد يكون أيضاً عدوهم.. نعم قد تتم التحالفات بين المسلمين وبين بعض الأعداء لأجل معين ولهدف خاص.. ولكن ذلك يكون بلا تفريط في الدين، ولا تساهل في الحقوق، ويكون بحذر كاف، وإلى أجل معلوم.. لكن لا يصل الأمر أبداً إلى الولاء والصداقة ونسيان الحقائق التي ذكرها الله عز وجل واضحة في كتابه الكريم حيث قال: [وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ] {البقرة:120}. والمهم في كل ذلك أن التتار بدءوا يفكرون جدياً في غزو بلاد المسلمين.. وبدءوا يخططون لإسقاط الخلافة العباسية، ودخول بغداد.. عاصمة الخلافة الإسلام
الهجمة التترية الأولى
مقدمة فكر "جنكيزخان" في أن أفضل طريقة لإسقاط الخلافة العباسية في العراق هي التمركز أولاً في منطقة أفغانستان وأوزبكستان؛ لأن المسافة ضخمة بين الصين والعراق، ولابد من وجود قواعد إمداد ثابتة للجيوش التترية في منطقة متوسطة بين العراق والصين.. كما أن هذه المنطقة التي تعرف بالقوقاز غنية بثرواتها الزراعية والاقتصادية.. وكانت من حواضر الإسلام المشهورة، وكنوزها كثيرة.. وأموالها وفيرة.. هذا بالإضافة إلى أنه لا يستطيع تكتيكياً أن يحارب العراق وفي ظهره شعوب مسلمة قد تحاربه أو تقطع عليه خطوط الإمداد.. كل هذه العوامل جعلت "جنكيزخان" يفكر أولاً في خوض حروب متتالية مع هذه المنطقة الشرقية من الدولة الإسلامية، والتي تعرف في ذلك الوقت بالدولة الخوارزمية.. وكانت تضم بين طياتها عدة أقاليم إسلامية هامة مثل: أفغانستان وأوزبكستان والتركمنستان وكازاخستان وطاجكستان وباكستان وأجزاء من إيران.. وكانت عاصمة هذه الدولة الشاسعة هي مدينة "أورجندة" (في تركمنستان حاليًّا). وكان جنكيزخان في شبه اتفاق مع ملك خوارزم (محمد بن خوارزم شاه) على حسن الجوار، ومع ذلك فلم يكن جنكيزخان من أولئك الذين يهتمون بعقودهم، أو يحترمون اتفاقياتهم، ولكنه عقد هذا الاتفاق مع ملك خوارزم ليؤمّن ظهره إلى أن يستتب له الأمر في شرق آسيا، أما وقد استقرت الأوضاع في منطقة الصين ومنغوليا، فقد حان وقت التوسع غرباً في أملاك الدولة الإسلامية!.. ولا مانع - طبعاً - من نقض العهد، وتمزيق الاتفاقيات السابقة.. وهي سنة في أهل الباطل: [أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم؟ بل أكثرهم لا يؤمنون] ولكن.. حتى تكون الحرب مقنعة لكلا الطرفين، لابد من وجود سبب يدعو إلى الحرب، وإلى الادعاء بأن الاتفاقيات لم تعد سارية، وقد بحث "جنكيزخان" عن سبب مناسب، ولكنه لم يجد... ولكن - سبحان الله - لقد حدث أمر مفاجئ بغير إعداد من جنكيزخان!!.. وهذا الأمر المفاجئ يصلح أن يكون سبباً مقنعاً للحرب.. نعم، لقد جاء هذا السبب مبكراً بالنسبة لإعداد جنكيزخان ولرغبته، ولكن لا مانع من استغلاله.. ولا مانع أيضاً من تقديم بعض الخطوات في خطة الحرب، وتأخير بعض الخطوات الأخرى.. ما هي الذريعة التي دخل بها "جنكيزخان" أرض خوارزم شاه؟! لقد ذهبت مجموعة من تجار المغول إلى مدينة "أوترار" الإسلامية في مملكة خوارزم شاه.. ولما رآهم حاكم المدينة المسلم، أمسك بهم وقتلهم!.. أما عن سبب قتلهم.. فقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه الحادثة: فمنهم من يقول: إن هؤلاء ما كانوا إلا جواسيس أرسلهم جنكيزخان للتجسس على الدولة الإسلامية أو لاستفزازها، ولذلك قتلهم حاكم مدينة أوترار.. ومنهم من يقول: إن هذا كان عمداً كنوع من الرد على عمليات للسلب والنهب قام بها التتار في بلاد ما وراء النهر، وهي بلاد خوارزمية مسلمة.. ومنهم من يقول: إن هذا كان فعلاً متعمداً بقصد استثارة التتار للحرب، ليدخل خوارزم شاه بعد ذلك منطقة تركستان، والتي هي في ملك التتار آنذاك.. وإن كان هذا الرأي مستبعداً؛ لأن "محمد بن خوارزم شاه" لم تكن له أطماع تذكر في أرض التتار.. وكل ما كان يريده هو العهد على بقاء كل فريق في مملكته دون تعدٍّ على الآخر.. وليس من المعقول أن يستثير التتار وهو يعلم أعدادهم وجيشهم، وليس من المعقول أيضاً أنه لم يكن يدري عن قوتهم شيئاً وهم الملاصقون له تماماً، وقد ذاع صيت زعيمهم "جنكيزخان" في كل مكان.. ومن المؤرخين أيضًا من يقول: إنما أرسل جنكيزخان بعضاً من رجاله إلى أرض المسلمين ليقتلوا تجار التتار هناك حتى يكون ذلك سبباً في غزو البلاد المسلمة، وإن كان هذا الرأي لا يقوم عليه دليل.. ومنهم من قال: إن خوارزم شاه طمع في أموال التجار فقتلهم لأجلها.. كل هذه احتمالات واردة، لكن المهم في النهاية أن التجار (أو الجواسيس) قد قُتلوا.. ووصل النبأ إلى جنكيزخان، فأرسل رسالة إلى "محمد بن خوارزم شاه" يطلب منه تسليم القتلة إليه حتى يحاكمهم بنفسه، ولكن "محمد بن خوارزم شاه" اعتبر ذلك تعدياً على سيادة البلاد المسلمة؛ فهو لا يسلم مجرماً مسلماً ليحاكم في بلدة أخرى بشريعة أخرى.. غير أنه قال: إنه سيحاكمهم في بلاده.. فإن ثبت بعد التحقيق أنهم مخطئون عاقبهم في بلاده بالقانون السائد فيها وهو الشريعة الإسلامية.. وهذا الكلام وإن كان منطقياً ومقبولاً في كل بقاع الأرض إلا أنه بالطبع لم يكن مقنعاً لجنكيزخان.. أو قل: إن جنكيزخان لم يكن يرغب في الاقتناع؛ فليس المجال مجال حجة أوبرهان أو دليل.. حقيقة الأمر أن جنكيزخان قد أعد لغزو بلاد المسلمين خططا مسبقة.. ولن يعطلها شيء.. وإنما كان يبحث فقط عن علة مناسبة، أو شبه مناسبة، وقد وجد في هذا الأمر العلة التي كان يريدها. وبدأ الإعصار التتري الرهيب على بلاد المسلمين!! بدأت الهجمة التترية الأولى على دولة خوارزم شاه، وجاء جنكيزخان بجيشه الكبير لغزو خوارزم شاه، وخرج له "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه أيضاً.. والتقى الفريقان في موقعة شنيعة استمرت أربعة أيام متصلة، وذلك شرق نهر سيحون (وهو يعرف الآن بنهر "سرداريا"، ويقع في دولة كازاخستان المسلمة)، وقتل من الفريقين خلق كثير.. لقد استُشهد من المسلمين في هذه الموقعة عشرون ألفاً، ومات من التتار أضعاف ذلك.. ثم تحاجز الفريقان، وانسحب "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه لأنه وجد أن أعداد التتار هائلة.. وذهب ليحصن مدنه الكبرى في مملكته الواسعة (وخاصة العاصمة: أورجندة).. كان هذا اللقاء الدامي في عام 616 هجرية.. انشغل "محمد بن خوارزم شاه" في تحضير الجيوش من أطراف دولته، ولكن لا ننسى أنه كان منفصلاً ـ بل معادياً ـ للخلافة العباسية في العراق، ولغيرها من الممالك الإسلامية؛ فلم يكن على وفاق مع الأتراك ولا مع السلاجقة ولا مع الغوريين في الهند.. وهكذا كانت مملكة خوارزم شاه منعزلة عن بقية العالم الإسلامي.. ووقفت وحيدة في مواجهة الغزو التتري المهول.. وهذه المملكة وإن كانت قوية وتمكنت من الثبات في أول اللقاءات، فإنها ـ ولا شك ـ لن تصمد بمفردها أمام الضربات التترية المتوالية..
وفي رأيي أنه مع قوة التتار وبأسهم وأعدادهم إلا أن سبب المأساة الإسلامية بعد ذلك لن يكون في الأساس بسبب هذه القوة، وإنما سيكون بسبب الفرقة والتشتت والتشرذم بين ممالك المسلمين.. وصدق الله العظيم إذ يقول: [ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا، إن الله مع الصابرين] فجعل الله عز وجل الفشل قريناً للتنازع.. والمسلمون كانوا في تنازع مستمر، وخلاف دائم.. وعندما كانت تحدث بعض فترات الهدنة في الحروب مع التتار - كما سنرى- كان المسلمون يغيرون على بعضهم, ويأسرون بعضهم, ويقتلون بعضهم...!! وقد عُلم يقيناً أن من كانت هذه صفتهم، فلا يكتب لهم النصر أبدًا.. روى الإمام مسلم رحمه الله عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "...وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلكها بسَنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ـ أو قال من بين أقطارها ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا". فالمسلمون كانوا - في تلك الآونة - يهلك بعضهم بعضًا, ويسبي بعضهم بعضًا... فلا عجب إن غلب عليهم جيش التتار أو غير التتار.. وبالإضافة إلى داء الفرقة فإن هناك خطأ واضحًا في إعداد "محمد بن خوارزم"، وهو أنه مع اهتمامه بتحصين العاصمة "أورجندة" إلا أنه ترك كل المساحات الشرقية من دولته دون حماية كافية..! ولكن... لماذا يقع قائد محنك خبير بالحروب في مثل هذا الخطأ الساذج؟! الواقع أن الخطأ لم يكن تكتيكياً في المقام الأول، ولكنه كان خطأ قلبياً أخلاقيًّا في الأساس.. لقد اهتم "محمد بن خوارزم" بتأمين نفسه وأسرته ومقربيه، وتهاون جداً في تأمين شعبه، وحافظ جداً على كنوزه وكنوز آبائه، ولكنه أهمل الحفاظ على مقدرات وأملاك شعبه.. وعادة ما يسقط أمثال هؤلاء القواد أمام الأزمات التي تعصف بأممهم.. وعادة ما تسقط أيضًا الشعوب التي تقبل بهذه الأوضاع المقلوبة دون إصلاح.. ولننظر ماذا تحمل الأيام لمحمد بن خوارزم وشعبه!!.. ماذا فعل جنكيزخان بعد هذه المعركة الأولى؟ تعالوا نتتبع خطواته في البلاد المسلمة!! اجتياح بخارى:
لقد جهز جنكيزخان جيشه من جديد، وأسرع إلى اختراق كل إقليم كازاخستان الكبير، ووصل في تقدمه إلى مدينة بخارى المسلمة (في دولة أوزبكستان الآن)، وهي بلدة الإمام الجليل، والمحدث العظيم "البخارى" رحمه الله، وحاصر جنكيزخان البلدة المسلمة في سنة 616 هجرية، ثم طلب من أهلها التسليم على أن يعطيهم الأمان، وكان "محمد بن خوارزم شاه" بعيدًا عن بخارى في ذلك الوقت.. فاحتار أهل بخارى: ماذا يفعلون؟.. ثم ظهر رأيان: أما الرأي الأول فقال أصحابه: نقاتل التتار وندافع عن مدينتنا، وأما الرأي الثاني فقال أصحابه: نأخذ بالأمان ونفتح الأبواب للتتار لتجنب القتل، وما أدرك هؤلاء أن التتار لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. وهكذا انقسم أهل البلد إلى فريقين: فريق من المجاهدين قرر القتال، وهؤلاء اعتصموا بالقلعة الكبيرة في المدينة، وانضم إليهم فقهاء المدينة وعلماؤها.. وفريق آخر من المستسلمين، وهو الفريق الأعظم والأكبر، وهؤلاء قرروا فتح أبواب المدينة، والاعتماد على أمان التتار!.. وفتحت المدينة المسلمة أبوابها للتتار.. ودخل جنكيزخان إلى المدينة الكبيرة.. وأعطى أهلها الأمان فعلا في أول دخوله خديعةً لهم، وذلك حتى يتمكن من السيطرة على المجاهدين بالقلعة.. وفعلاً.. بدأ جنكيزخان بحصار القلعة، بل أمر أهل المدينة من المسلمين أن يساعدوه في ردم الخنادق حول القلعة ليسهل اقتحامها، فأطاعوه وفعلوا ذلك!!! وحاصر القلعة عشرة أيام.. ثم فتحها قسرًا.. ولما دخل إليها قاتل من فيها حتى قتلهم جميعًا!!.. ولم يبق بمدينة بخارى مجاهدون.. وهنا بدأ جنكيزخان في خيانة عهده، فسأل أهل المدينة عن كنوزها وأموالها وذهبها وفضتها.. ثم اصطفى كل ذلك لنفسه.. ثم أحل المدينة المسلمة لجنده، ففعلوا بها ما لا يتخيله عقل!.. وأترُك ابن كثير ـ رحمه الله ـ يصور لكم هذا الموقف كما جاء في (البداية والنهاية) فيقول:
"فقتلوا من أهلها خلقاً لا يعلمهم إلا الله عز وجل، وأسروا الذرية والنساء، وفعلوا مع النساء الفواحش في حضرة أهليهن..!! (ارتكبوا الزنا مع البنت في حضرة أبيها، ومع الزوجة في حضرة زوجها)، فمن المسلمين من قاتل دون حريمه حتى قتل، ومنهم من أُسر فعذب بأنواع العذاب، وكثر البكاء والضجيج بالبلد من النساء والأطفال والرجال، ثم أشعلت التتار النار في دور بخارى ومدارسها ومساجدها، فاحترقت المدينة حتى صارت خاوية على عروشها.."!!! انتهى كلام ابن كثير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!.. حقًا... لا حول ولا قوة إلا بالله!.. هلكت المدينة المسلمة!!.. هلك المجاهدون الصابرون فيها.. وكذلك هلك المستسلمون المتخاذلون!!.. روى البخاري ومسلم عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبث".. وكان الخبث قد كثر في هذه البلاد.. فمن الخبث ألا يرفع المسلمون سيوفهم ليدافعوا عن دينهم وأرضهم وعرضهم.. ومن الخبث أن يصدق المسلمون عهود الكافرين لهم.. ومن الخبث أن يُسلم المسلمون من رفعوا راية الجهاد فيهم إلى عدوهم.. ومن الخبث أن يتفرق المسلمون ويتقاتلوا فيما بينهم، ومن الخبث ألا يحتكم المسلمون إلى كتاب ربهم، وإلى سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.. هذا كله من الخبث!.. وإذا كثر الخبث ، لابد أن تحدث الهلكة!.. وصدق الرسول الحكيم صلى الله عليه وسلم.. وهكذا هلكت بخارى في سنة 616 هجرية!!.. ولكن.. هل كانت هذه آخر المآسي؟!.. هل كانت آخر الكوارث؟!.. لقد كانت هذه أولى صفحات القصة.. كانت بداية الطوفان وبداية الإعصار.. وستكون صفحات القصة القادمة أشد سوادًا وأكثر دماءً.. سيدخل المسلمون في سنة 617 هـ, وهي - بلا شك - من أبشع وأسوأ وأظلم السنوات التي مرت على المسلمين عبر تاريخهم الطويل..
دخلت سنة 617 هجرية وإنا لله، وإنا إليه راجعون!.. كانت هذه السنة من أبشع السنوات التي مرت على المسلمين منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى هذه اللحظة.. لقد علا فيها نجم التتار.. واجتاحوا البلاد الإسلامية اجتياحًا لم يُسبَق، وأحدثوا فيها من المجازر والفظائع والمنكرات ما لم يُسمع به، وما لا يُتخيل أصلاً..
وأرى أنه من المناسب أن نقدم لهذه الأحداث بكلام المؤرخ الإسلامي العلامة "ابن الأثير الجزري" رحمه الله في كتابه القيم (الكامل في التاريخ) وكلامه في غاية الأهمية.. ويعتبر به جداً في هذا المجال أكثر من كلام غيره؛ لأنه كان معاصراً لكل هذه الأحداث، وليس من رأى كمن سمع.. اسمعوا ماذا يقول ابن الأثير رحمه الله وهو يقدم لشرحه لقصة التتار في بلاد المسلمين: "لقد بقيت عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدِّم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فياليت أمي لم تلدني، وياليتني متُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا، إلا أنه حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها.. عمّت الخلائق، وخصّت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يُبتلوا بمثلها لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها.. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله "بختنصر" ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس؟!! وما بنو إسرائيل إلى من قتلوا؟! فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال، فإنه يبقي على من اتبعه ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعم ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح".. كانت هذه مقدمة كتبها ابن الأثير رحمه الله لكلام طويل يفيض ألمًا وحزنًا وهمًا وغمًا.. لقد كانت كارثة على العالم الإسلامي.. كارثة بكل المقاييس.. كارثة بمقاييس الماضي والحاضر.. وكارثة أيضًا بمقاييس المستقبل.. فإن هذه المصيبة فعلاً تتضاءل إلى جوارها كثير من مصائب المسلمين في كل العصور.. ماذا حدث في سنة 617هجرية؟ اجتياح "سمرقند..":
فبعد أن دمر التتار مدينة بخارى العظيمة، وأهلكوا أهلها، وحرّقوا ديارها ومساجدها ومدارسها، انتقلوا إلى المدينة المجاورة "سمرقند" (وهي أيضاً في دولة أوزبكستان الحالية)، واصطحبوا في طريقهم مجموعة كبيرة من أسارى المسلمين من مدينة بخارى، وكما يقول ابن الأثير: "فساروا بهم على أقبح صورة، فكل من أعيا وعجز عن المشي قتل".. أما لماذا كانوا يصطحبون الأسارى معهم؟ فلأسباب كثيرة: أولاً: كانوا يعطون كل عشرة من الأسارى علمًا من أعلام التتار يرفعونه، فإذا رآهم أحد من بعيد ظن أنهم من التتار، وبذلك تكثر الأعداد في أعين أعدائهم بشكل رهيب، فلا يتخيلون أنهم يحاربونهم، وتبدأ الهزيمة النفسية تدب في قلوب من يواجهونهم.. ثانياً: كانوا يجبرون الأسارى على أن يقاتلوا معهم ضد أعدائهم.. ومن رفض القتال أو لم يظهر فيه قوة قتلوه.. ثالثاً: كانوا يتترسون بهم عند لقاء المسلمين، فيضعونهم في أول الصفوف كالدروع لهم، ويختبئون خلفهم، ويطلقون من خلفهم السهام والرماح، وهم يحتمون بهم.. رابعاً: كانوا يقتلونهم على أبواب المدن لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وإعلامهم أن هذا هو المصير الذي ينتظرهم إذا قاوموا التتار.. خامساً: كانوا يبادلون بهم الأسارى في حال أسر رجال من التتار في القتال.. وهذا قليل لقلة الهزائم في جيش التتار..
كيف كان الوضع في "سمرقند"؟
كانت "سمرقند" من حواضر الإسلام العظيمة، ومن أغنى مدن المسلمين في ذلك الوقت، ولها قلاع حصينة، وأسوار عالية.. ولقيمتها الاستراتيجية والاقتصادية فقد ترك فيها "محمد بن خوارزم شاه" زعيم الدولة الخوارزمية خمسين ألف جندي خوارزمي لحمايتها.. هذا فوق أهلها، وكانوا أعدادًا ضخمة تقدّر بمئات الآلاف.. أما "محمد بن خوارزم شاه" نفسه فقد استقر في عاصمة بلاده مدينة "أورجندة" وصل جنكيزخان إلى مدينة "سمرقند" وحاصرها من كل الاتجاهات.. وكان من المفروض أن يخرج له الجيش الخوارزمي النظامي، ولكن لشدة الأسف.. لقد دب الرعب في قلوبهم، وتعلقوا بالحياة تعلقاً مخزياً، فأبوا أن يخرجوا للدفاع عن المدينة المسلمة!!.. فاجتمع أهل البلد وتباحثوا في أمرهم بعد أن فشلوا في إقناع الجيش المتخاذل أن يخرج للدفاع عنهم.. وقرر البعض من الذين في قلوبهم حمية من عامة الناس أن يخرجوا لحرب التتار.. وبالفعل خرج سبعون ألفاً من شجعان البلد، ومن أهل الجَلد، ومن أهل العلم.. خرجوا جميعاً على أرجلهم دون خيول ولا دواب.. ولم يكن لهم من الدراية العسكرية حظ يمكنهم من القتال.. ولكنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعله الجيش المتهاون الذي لم تستيقظ نخوته بعد.. وعندما رأى التتار أهل "سمرقند" يخرجون لهم قرروا القيام بخدعة خطيرة، وهي الانسحاب المتدرج من حول أسوار المدينة، في محاولة لسحب المجاهدين المسلمين بعيداً عن مدينتهم.. وهكذا بدأ التتار يتراجعون بعيداً عن "سمرقند" وقد نصبوا الكمائن خلفهم.. ونجحت خطة التتار, وبدأ المسلمون المفتقدون لحكمة القتال يطمعون فيهم ويتقدمون خلفهم.. حتى إذا ابتعد رجال المسلمين عن المدينة بصورة كبيرة أحاط جيش التتار بالمسلمين تماماً.. وبدأت عملية تصفية بشعة لأفضل رجال "سمرقند".. كم من المسلمين قتل في هذا اللقاء غير المتكافئ؟! لقد قتلوا جميعاً!!.. لقد استشهدوا عن آخرهم!!.. فقد المسلمون في "سمرقند" سبعين ألفاً من رجالهم دفعة واحدة.. (أتذكرون كيف كانت مأساة المسلمين يوم فقدوا سبعين رجلاً فقط في موقعة أحد؟!). والحق أن هذه لم تكن مفاجأة، بل كان أمرًا متوقعًا؛ لقد دفع المسلمون ثمن عدم استعدادهم للقتال، وعدم اهتمامهم بالتربية العسكرية لأبنائهم، وعدم الاكتراث بالقوى الهائلة التي تحيط بدولتهم.. وعاد التتار من جديد لحصار "سمرقند".. وأخذ الجيش الخوارزمي النظامي قراراً مهيناً!!.. لقد قرروا أن يطلبوا الأمان من التتار على أن يفتحوا أبواب البلدة لهم.. وذلك مع أنهم يعلمون أن التتار لا يحترمون العهود، ولا يرتبطون باتفاقيات، وما أحداث بخارى منهم ببعيد، ولكن تمسكهم بالحياة إلى آخر درجة جعلهم يتعلقون بأهداب أمل مستحيل.. وقال لهم عامة الناس: إن تاريخ التتار معهم واضح.. ولكنهم أصروا على التسليم.. فهم لا يتخيلون مواجهة مع التتار، وبالطبع وافق التتار على إعطاء الأمان الوهمي للمدينة، وفتح الجيش أبواب المدينة بالفعل، ولم يقدر عليهم عامة الناس، فقد كان الجيش الخوارزمي كالأسد على شعبه، وكالنعامة أمام جيوش الأعداء!!.. وفتح الجنود الأبواب للتتار وخرجوا لهم مستسلمين، فقال لهم التتار: ادفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودوابكم، ونحن نسيّركم إلى مأمنكم.. ففعلوا ذلك في خنوع، ولما أخذ التتار أسلحتهم ودوابهم فعلوا ما كان متوقعاً منهم.. لقد وضعوا السيف في الجنود الخوارزمية فقتلوهم عن آخرهم!!.. ودفع الجند جزاء ذلتهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ثم دخل التتار مدينة "سمرقند" العريقة، ففعلوا بها مثلما فعلوا سابقاً في "بخارى".. فقتلوا أعداداً لا تحصى من الرجال والنساء والأطفال، ونهبوا كل ثروات البلد، وانتهكوا حرمات النساء، وعذبوا الناس بأنواع العذاب البشعة بحثاً عن أموالهم، وسبوا أعداداً هائلة من النساء والأطفال، ومن لم يصلح للسبي لكبر سنه، أو لضعف جسده قتلوه، وأحرقوا الجامع الكبير، وتركوا المدينة خراباً!!.. وليت شعري!!.. كيف سمع المسلمون في أطراف الأرض آنذاك بهذه المجازر ولم يتحركوا؟! كيف وصل إليهم انتهاك كل حرمة للمسلمين، ولم يتجمعوا لقتال التتار؟! كيف علموا بضياع الدين، وضياع النفس، وضياع العرض، وضياع المال، ثم ما زالوا متفرقين؟!.. لقد كان كل حاكم من حكام المسلمين يحكم قطراً صغيراً، ويرفع عليه علماً، ويعتقد أنه في أمان ما دامت الحروب لا تدور في قطره المحدود..!! لقد كانوا يخدعون أنفسهم بالأمان الوهمي حتى لو كانت الحرب على بعد أميال منهم!.. ولا تندهش مما تقرأ الآن.. وخبرني بالله عليك: كم جيشًا مسلمًا تحرك لنجدة المسلمين في الفلوجة أ
تاريخ التسجيل : 10/09/2010 المشاركات : 8466 التقييم : 25 النقاط : 18202 العمر : 41 الجنس : الإقامة : المهنة : العمل/الترفيه : تصفح الانترنت ومتابعة الاخبارالهواية : مزاجى : همسات صامته
قد يتغير شيء فينا. كما تغير كل شيء من حولنا ولكن أشوقنا تعاودنا وقد عاودني الشوق للقاء نفسي من جديد فهذا اللقاء له مذاقه الخاص . لأنه على صفحات الأوراق أحاول ان ابحث عن نفسي فلا أجدها . أدرك أنها ضاعت في ارض الواقع .
احلامى ألصغيره هي الطريق الوحيد للهروب من قسوة الحياة ابحث عن إنسان يفهمني :. يترفق بي يدرك ضعفي وقوتي وشجاعتي.
يدرك اننى إنسان من البشر ولست ملاك
مطلوب منى دائما إن ابدوا متماسكا .لكنى أريد الصراخ أريد الصراخ دون خجل .لأنه من الصعب إن كل ما يتمناه الإنسان يتحقق حتى لحظه السعادة صعب تجميدها والإبقاء عليها إن السعي وراء صفاء النفس واقع وخيال
إنسان ومكان . وكل شيء له أوجه الماضي والأخر المعتم .
صفاء البحر يتحول ......إلى هياج
نسمه الهواء تتحول ......إلى عاصفة
الحياء ...................... يرحلون
الأصدقاء ................. يتغيرون
وكل شيء في الحياة يتغير وأحلام الإنسان في السعادة تتغير
ابحث عن نفسي بين هولاء فلا أجدها
ابحث عن ذاتي أجدها في أشياء كثيرة براءة الطفولة وأحلام القلب الحزين جمال الأوقات القديمة
اطلب ذلك وأتمناه وأتمناه
الحب جحيم يطاق . والحياه بدون حب عذاب لا يطاق
عـ الـحــب ـذاب
موضوع: رد: د , السرجاني سلسلة التاتار في عين جالوت الإثنين 19 سبتمبر 2011 - 19:02
تاريخ التسجيل : 06/07/2009 المشاركات : 8744 التقييم : 50 النقاط : 10540 العمر : 34 الجنس : الإقامة : المهنة : العمل/الترفيه : الرسمالهواية : مزاجى :
سمسمة: قصة عذابي مع الزمن ثلاثة حكايات,,,حكايتي الاولى..فقدت حبيبي مدى الحياة,,,والثانية..ذهب العمر مع الذكريات,,,والثالثة..لوعة على كل ما فات إلى يوم الممات,,,وقصة حلمي مع الزمن ثلاثة أحلام،،،حلمي الأول.. ذهب مكبل بالأنين والأهات،،،وحلمي الثاني.. استيقضت ووجدت قلبي غارقاً ببحر الدمعات،،،وحلمي الثالث.. ما زلت أحلم وأدعو ان يوفقنى رب الارض والسموات
موضوع: رد: د , السرجاني سلسلة التاتار في عين جالوت الإثنين 19 سبتمبر 2011 - 20:42
موضوع: رد: د , السرجاني سلسلة التاتار في عين جالوت الثلاثاء 20 سبتمبر 2011 - 7:46
والله دمعة لي الفخر ان يكون فينا من المسلمين علماء وفقهاء وافتخر فيهم واحبهم واكون من المعجبين بهم ولي الشرف لأنهم اناس خلقو لله والدين ونشر الدعوة الاسلامية والتاريخية