شهد نائب المدير
تاريخ التسجيل : 18/09/2010 المشاركات : 5742 التقييم : 52 النقاط : 14462 المهنة : مزاجى :
| موضوع: أي عظيم هذا الذي تجمعه اليهود مع هتلر في صورة واحدة ؟! "الحاج امين الحسيني " الأحد 5 يونيو 2011 - 20:08 | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع : لا زلت أذكر أول مرة بحثت فيها عن اسم(الحاج أمين الحسيني) في الموسوعة اليهودية عندما كنت طالباً في الجامعة، فإذا باسمه في الموسوعة مقروناً بصورة تجمع الحاج أمين جالساً مع الزعيم النازي أدولف هتلر متقابلين! تعجبت يومها من اختيار هذه الصورة بالذات، وبحثت عنه في موسوعة يهودية أخرى باللغة العبرية
فوجدت اسمه موجوداً وبجانبه نفس الصورة، فبحثت عنه في موسوعة ثالثة فإذا باسمه مقروناً أيضاً بنفس الصورة، فتسائلت يومها: ما الذي فعله الحاج أمين الحسيني حتى وصل الأمر باليهود إلى أن يقرنوه دائماً في موسوعاتهم بهتلر الذي يعرف العالم كله مدى بغض اليهود له وكيفية تعاملهم مع ميراثه؟ فبدأت في ذلك الوقت أبحث في سيرة هذا الرجل لأعرف من هو وما الذي فعله ليستحق هذه المكانة وهذا الحنق الشديد عليه عندهم.
بدأت أعرف شيئاً فشيئاً ما فعله الحاج أمين رحمه الله ليتلقى هذه السيول الجارفة من الغضب والتشويه الصهيوني، فكان مما لاحظته أثناء بحثي أنني وقفت على الصحف الغربية وما ذكرته عند وفاته، حيث كان أغلبها يذكر الخبر بصيغة: (وفاة العدو القديم لإسرائيل الحاج أمين الحسيني)..! وكان تقرير وكالة أسوشييتد برس في ذلك الوقت يقول: (قاد الحاج أمين الحسيني ثورات متعاقبة على مدى أربعين عاماً ضد الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين) فأذهلني جلده وصبره أربعين عاماً، ووقفت على مطبوعات وخطب كان يصدرها في أغلب الأوقات منبهاً خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين إلى الخطر اليهودي القادم، فعجبت كيف تمكن من استقراء التاريخ وفهمه وتوقع المستقبل، فكان أول من أصدر مجموعة الفتاوى المعروفة في ذم – بل تكفير – من باع أرضه لليهود في فلسطين، وتنبيه العرب والمسلمين إلى الخطر القادم، وأذكر أنه عنون واحدةً من هذه الإصدارات بعبارة: (ويل للعرب من شر قد اقترب) مقتبساً إياها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في يأجوج ومأجوج، فكأنه كان بذلك يشير إلى أوجه الشبه بين هؤلاء القوم وبين الاحتلال الحالي الذي أكل الأخضر واليابس وعمت المصائب بسببه العالم.
مرت هذه اللحظات بذاكرتي وأنا أتابع خبر إقدام الاحتلال على هدم فندق شيبرد الذي بناه الحاج أمين الحسيني وأوقفه على المسجد الأقصى المبارك، مثلما فعل الاحتلال قبله بفندق المجلس الإسلامي الأعلى الذي هدم أقسامه الداخلية وأبقى الواجهة في غربي القدس قبل سنوات. هذه المشاريع التي كانت تنبض باسم الحاج أمين الحسيني رحمه الله وجهوده في صد الهجمة الصهيونية على فلسطين وعلى بيت المقدس أراد الاحتلال أن يخرسها ويسكت صوتها، وأراد أن يمحو بذلك صورة الحاج أمين وذكره من هذه المنطقة كلها، وليس غريباً أن يكون كل هذا الحقد موجهاً للحاج أمين وهو الذي: (أخًّر قيام دورة "إسرائيل" خمسين عاماً) كما قال أحد الكتَّاب. ليس غريباً على الاحتلال أن يحاول أن يمحو أي ذكر لهذا الرجل الذي لم تلن له قناة ولم يفت في عضده حجم المؤامرة العالمية الكبرى، فقدم حتى الرمق الأخير، حتى إنه كان آخر من لحق بابن أخيه القائد عبدالقادر الحسيني شهيد معركة القسطل رحمه الله، عندما غادر اجتماع القادة العرب عام 1948 غاضباً من التقاعس عن نجدة القدس وفلسطين، فكان الحاج أمين آخر من لحقه وقدم له كل ما كان يحمله من متاع الدنيا: واحد وعشرون جنيهاً فلسطينياً، وست بنادق، فكانت هذه ذخيرة عبدالقادر الحسيني من عمه الحاج أمينن لينطلق بها بدوره ويحرر القسطل قبل استشهاده مباشرة رحمه الله.
والحاج أمين هو الذي أشرف بنفسه على تديب معسكرات المتطوعين الفلسطينيين في ألمانيا ضد الحركة الصهيونية، وهو نفسه الذي كان يقدم قبل ذلك الأموال والتبرعات سراً لحركة الشيخ عز الدين القسام رحمه الله، ويذكر التاريخ أنه كان بينهما انقطاع كامل في الصلات تأميناً للسرية التامة في التمويل. وهو نفسه الذي قاد الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وشرد لأجل ذلك في فيافي الأرض من مصر إلى لبنان إلى العراق إلى سورية إلى إيطاليا فألمانيا وهكذا، حتى انتهى به المطاف في ضاحية المنصورية في بيروت ليموت بصمت بالسكتة القلبية يوم الخميس 5/7/1974م بعد سبعة وسبعين عاماً من الجهاد والتضحية والتشرد رأى فيها بداية الانتداب البريطاني، والمؤامرة الكبرى عام 1948، والنكسة عام 1967، وحرب عام 1973 ليذهب إلى ربه بعد ذلك وقد قدم ما قدم.
من الطبيعي أن يسعى الاحتلال إلى طمس كل معلم يمت لرجل كهذا بصلة، وليس هذا غريباً على الصهاينة، فهم لا ينسون أعداءهم أبداً، وزيارة أو بحث واحد على الشبكة الدولة عن اسم أمين الحسيني لدى اليهود يعرفك بمدى شدته عليهم ومدى كرههم له.
إن عزاءنا لا يمكن أن يكون واقعاً إلا بأن تنبعث شخصية كهذه في قلب كل شخص من أبناء أمتنا الغيورين على القدس والمسجد الأقصى المبارك. وإن كان أمين الحسيني قد قدم وقدم وقدم حتى مات، فإن الأقصى الذي عمل له ما زال موجوداً وسيبقى بإذن الله، وإن كان هذا الفندق الموقوف على المسجد الأقصى المبارك قد هدم فإن الأقصى باق لم يهدم ولن يقسم بإذن الله، وسيكون يوم قريب يستعيد فيه الأقصى أوقافه كلها، ويعود الحاج أمين الحسيني من منفاه إلى القدس مزهواً بالنصر حتى بعد موته بإذن الله، وإنه يوم قريب.. لك الله يا حاج أمين، لك الله يا فندق شيبرد، ولك الله يا بيت المقدس.
د. عبدالله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس مسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك
|
|