تهديدات خارجية وتفجيرات وأسلحة ثقيلة في يد البدو
بعد أحداث جمعة الغضب 28 يناير الماضي وتخلي رجال الشرطة عن مواقعهم وما صاحبة من حالة من الانفلات الأمني في كل مكان، ألمت بمصر كلها أحداث خطيرة تمثلت في حرائق أقسام الشرطة وسيارات الأمن المركزي ومقار الحزب الوطني وأعمال سلب ونهب ولكن في سيناء كان الوضع مختلفاً، فالثأر »البايت« بين الشرطة وبدو سيناء بدا جلياً أمام الجميع، ولكن الخطير في الأمر هو أن هذا الثأر أخذ شكلاً خطيراً في سيناء، فلم يتم أخذه عن طريق الحرائق بقنابل المولوتوف المصنعة محلياً، وزجاجات البنزين كما حدث في معظم الأقسام التي تم حرقها، إنما استخدمت طلقات الـ »آر بي جي« حتي قبل الهجوم الذي تعرضت له أقسام الشرطة في مصر يوم الجمعة وما بعدها، ففي يوم الخميس 27 يناير تعرض قسم شرطة الشيخ زويد بشمال سيناء لثلاث طلقات »آر بي جي«.. كما قام الأهالي بإطلاق وابلاً من الأعيرة النارية من الأسلحة الآلية علي القسم، كما قام ملثمون بتخريب أقسام الشرطة وحرق محتوياتها، بل إن الأمر وصل لسلب ونهب شقق ضباط الشرطة، حيث اقتحم مسلحون شقة المقدم محمد عامر رئيس فرع مكافحة المخدرات بشمال سيناء وأشعلوا فيها النيران، كما تم سلب محتويات استراحات مدير الأمن وكبار القيادات الأمنية.
كذلك شهدت سيناء أحداثاً غريبة، ففي الوقت الذي هدأت فيه أحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وظهر عنصرا الأمة في حالة من الوحدة والوئام طوال الثورة قام مسلحون مجهولون باقتحام مبني كنيسة واستراحة الأنبا »مقار« بحي المساعيد بالعريش واستولوا علي ما به من أثاث وأجهزة كهربائية ومفروشات.
كل هذه الأحداث كشفت عن حالة الغليان والخطر المحدق بسيناء، فبوابة مصر الشرقية التي تقدر مساحتها بـ 61 ألف كيلو متر مربع، في خطر حقيقي من حيث التهديدات الخارجية التي ظهرت جلية إبان الأحداث، وما شهدته الحدود الإسرائيلية من تحركات لبعض الآليات العسكرية فيها، وحالة الغليان الداخلي التي كشفت عنها الأحداث، مع كل هذا الكم الهائل من الأسلحة الموجودة في يد البدو.
جدير بالذكر أن تعداد سكان شبه جزيرة سيناء يقدر بـ 500 ألف نسمة، يمثل الحضر 40٪ منها وسكان البادية 60٪ ويغلب علي سكان سيناء الطابع البدوي الذي يتطلب طبيعة خاصة في التعامل معه.
حتي بعد انتهاء أحداث الثورة مازالت هناك تداعيات في سيناء، حيث قام مجموعة من الملثمين فجر الخميس الماضي بقصف مبني الأمن المركزي برفح بطلقات الـ »آر بي جي«، لذلك كل الأحداث تؤكد أن سيناء في خطر.
وبعدها بأيام قليلة أحبطت قوات الأمن محاولة أخري لتفجير خط الغاز الطبيعي المغذي للأردن وإسرائيل في منطقة السبيل غرب مدينة العريش بشمال سيناء، حيث هاجم مجهولون المحطة وزرعوا قنابل بدائية أسفل الأنبوب إلا أنها لم تنفجر ولاذ المسلحون بالفرار ولم يتم القبض عليهم.
وقام خبراء نزع الألغام بإزالة القنابل وتفجيرها في منطقة غير مأهولة.
تأمين سيناء.. الفريضة الغائبة!
سيناء بوابة مصر الشرقية، ومصدر كل خطر هدد البلاد طوال تاريخها، بدءاً من عهد الفراعنة ودخول الهكسوس إلي مصر، وحتي التهديدات الإسرائيلية لها قبل وبعد معاهدة السلام.
فهذه البوابة في حاجة إلي تأمين فعلي، فهي ليست مثل باقي حدود مصر سواء الجنوبية أو الشمالية أو حتي الغربية، فللحدود الشرقية طبيعة خاصة، فهناك عدو متربص بنا في الخارج، ومن الداخل قبائل بدوية، لها طبيعة خاصة جهلتها الحكومات السابقة لمدة 30 يوماً.. ومن هنا أصبح البحث عن طريقة لتأمين سيناء داخلياً وخارجياً أمراً في غاية الأهمية.
سيناء ليست مجرد قطعة من أرض مصر، لكنها بوابتها الشرقية التي من خلالها استطاع المحتلون علي مدار التاريخ اجتياح مصر، ومن هنا كان لابد أن يتم تأمين سيناء بشكل غير تقليدي نظراً للخطر المحدق بها من الخارج، وهو التصاق حدودها بحدود دولة محتلة لأرض فلسطين، كذلك فإن طبيعة القبائل البدوية تفرض طرقاً معينة لحكمهم فشلت حكومات الحزب الوطني في فهمها طوال الثلاثين عاما الماضية، ومن ثم ظهرت المخاطر في سيناء أكثر من غيرها طوال الفترة الماضية.
ورغم أن معاهدة السلام تفرض علي مصر عدم نشر قوات عسكرية في أراضي سيناء بشكل مكثف، حيث تقوم بتأمينها وفرق لا يزيد عدد أفرادها علي 500 جندي، إلا أن تعامل الشرطة السيئ مع أهالي سيناء طوال السنوات الماضية زاد من وجود الصدامات الداخلية فيها، ومن ثم أصبح وجود الشرطة وحدها أمراً غير كاف.
جدير بالذكر أنه نظراً لأهمية تأمين سيناء فطن محمد علي باشا منشئ مصر الحديثة لهذا الأمر واستحدث محافظة العريش عام 1810 - وهي تعتبر أول هيكل إداري منظم لسيناء في العصر الحديث - ومنحها اختصاصات وحدوداً إدارية ووضع تحت تصرف محافظ العريش قوة عسكرية لحماية حدود مصر الشرقية، وقوة نظامية لحماية الأمن الداخلي بالمدينة.
ومن هنا جاءت إجراءات القوات المسلحة في الفترة الماضية بتأمين المنشآت الحيوية في سيناء إبان الثورة - مثل مطار العريش والميناء ومركز الإرسال التليفزيوني - كما تم تأمين سيناء كلها بإحكام السيطرة علي مخارج ومداخل شمال سيناء من خلال عدد من الأكمنة الثابتة في مداخل ومخارج المحافظة.
ورغم كل هذه الإجراءات إلا أن تأمين سيناء لم يتم كما ينبغي، ومن هنا يري اللواء طلعت مسلم - الخبير الاستراتيجي - أن تأمين سيناء في المرحلة المقبلة يستلزم عدة إجراءات خاصة أنه لم يتم تأمينها بشكل جيد في ظل معاهدة السلام التي تمنع تواجد أي قوات عسكرية داخل أراضي سيناء، وبالتالي فهذا الأمر يحتاج إلي إعادة النظر في المعاهدة بما يسمح بنقل قواتنا من الضفة الغربية للقناة إلي الضفة الشرقية، لتتمركز عند »خط المضايق« علي بعد 60 كيلو متراً من القناة، وبما أن عمق سيناء يقدر بـ 220 كيلو متراً، فسيبقي أمامنا 160 كيلو متراً أخري حتي الحدود ولكن هذا لن يتم إلا بعد تعديل الاتفاقية.
أما علي المستوي الداخلي فيجب تأمين سيناء من خلال التحكم في المنافذ لمنع تهريب المخدرات والسلاح وما إلي ذلك، وذلك عن طريق دوريات بالطائرات الهليكوبتر لمسح صحاري سيناء خلال فترات زمنية متقاربة.
وأضاف: انه من الناحية النظرية فقوات الشرطة المكلفة بتأمين سيناء لديها هذه الوسائل وهي معارة لها من الجيش، ولكن نظراً لقلة عدد الطائرات المخصصة لهذا الغرض، وتكلفة تشغيلها فهذه الطلعات محدودة، وهذا لابد أن يتغير حتي نتمكن من تأمين سيناء فعلياً.بترول وفحم وأحجار كريمة
ثروات.. مع إيقاف الاستغلال!
بترول وفحم ومنجنيز وكبريت ونحاس ورمال بيضاء وأحجار كريمة وغيرها من المعادن موجودة في باطن أرض سيناء.. ورغم وجود كل هذه الموارد إلا أن سيناء تُعد من أفقر مناطق مصر، نظراً لفشل الحكومات السابقة في الاستفادة من هذه الموارد.
وفي الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تستفيد تماماً من موارد سيناء - إبان احتلالها لها - لم تنجح مصر طوال الثلاثين عاماً الماضية في الاستفادة بموارد سيناء رغم تحريرها من أيدي اليهود عام 1982.
تتميز سيناء بوجود العديد من الثروات التعدينية بها، بحيث يوجد بها البترول، وتنتج سيناء نحو 2.4 مليون طن، ويقدر احتياطي الزيت الخام بها حوالي 237 مليون برميل، ومع ذلك لم تستطع الحكومات السابقة الاستفادة بهذه الميزة، ولم يتم إنشاء معامل تكرير كافية، حيث لا يوجد بها سوي معمل صغير بمنطقة وادي فيران ويعمل بطاقة 400 ألف طن فقط!
كذلك يوجد بها الفحم، ويقدر احتياطيه بحوالي 52 مليون طن في منطقة المغارة، و40 مليون طن بمنطقة عيون موسي، و75 مليون طن شمال شرق أبوزنيمة، كما يوجد الكبريت بين العريش ورفح باحتياطي خام يقدر بـ 30 مليون طن، كذلك يوجد النحاس في عدة مناطق جنوب غرب سيناء وهي سرابيط وأبوصوير وأبورديس وطرفة وفيران.
كما يوجد المنجنيز في منطقة أبوبجمة، كما تشتهر سيناء بوجود الكاولين الذي يستخدم في صناعة الخزف والصيني والطوب الطفلي والأسمنت الأبيض.
ويوجد بها أيضاً الرمال البيضاء التي تستخدم في صناعة الزجاج والكريستال حيث تتركز في مناطق جبل الحلال وجبل المنشرح وجبل المنظور ووادي فيللي.
وكشفت دراسة لهيئة الثروة التعدينية حول المسح الجيولوجي والجيوفيزيقي لسيناء عن وجود عدد كبير من الثروات التعدينية بها، منها الرخام وأحجار الزينة، التي تستخدم في صناعة التماثيل والنصب التذكارية، بالإضافة لاستخدامها في أعمال البناء.. كما يوجد الحجر الجيري المستخدم في صناعة الأسمنت البورتلندي وصناعة الجير وكتل البناء.. وتتميز سيناء بتوافر كميات كبيرة من الجبس الذي يستخدم في صناعة البناء، بالإضافة لوجود أحجار أخري مثل المارل الذي يستخدم في صناعة الأسمنت ، والدولوميت الذي يستخدم في رصف الطرق، والخرسانة المسلحة وصناعة البلاط والطوب الجيري.. كما يستخدم في الزراعة لتحسين التربة وإعادة التوازن الطبيعي بها.
كما يوجد بها كميات كبيرة من كلوريد الصوديوم »ملح الطعام« الذي يمكن استخلاصه عن طريق البخر من البحيرات الضحلة المنتشرة في سيناء، بالإضافة لاستخدامه في الصناعات الغذائية يستخدم كلوريد الصوديوم في صناعة الزيوت والصناعات الكيماوية، كما يستخدم في صناعة الصودا الكاوية وصناعة الحراريات وإنتاج السيراميك.
ورغم وجود كل هذه الموارد الطبيعية إلا أنه لم تتمكن الحكومات من الاستفادة منها، واكتفت بجهود بعض رجال الأعمال المحدودة في الاستفادة من موارد سيناء، وإنشاء مصانع الأسمنت، في حين امتنعت الدولة عن المشاركة في هذه الاستثمارات، وكانت النتيجة عدم استغلال هذه الموارد كما ينبغي، بل أنها تتمتع بشواطئ علي البحرين الأحمر والأبيض تقدر بحوالي 3000 كيلو متر، بالإضافة إلي 5 بحيرات كبري، ومع ذلك تلجأ لاستيراد الملح من السعودية والأردن!
كما أن عدم اهتمام الدولة بمشروعات التنمية في سيناء بشكل عام كان سبباً في حرمان أهلها من الآلاف من فرص العمل التي كانت ستتوفر لهم، وبالتالي انخفض مستوي معيشة السكان وانتشر الفقر بينهم، وتركت الدولة بعض المشروعات التنموية التي تهدف إلي رفع مستوي السكان للمعونات الأجنبية مثل مساهمة أمريكا بحوالي 10 ملايين دولار لإنشاء محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية.. كما تقدمت إيطاليا بـ 12 مليون جنيه لإنشاء محطة بمنطقة الجفجافة.
الغريب في الأمر أن الدولة التي تتحدث عن مشروعات تنمية سيناء منذ الثمانينيات لم تقم بأي عمل يذكر، حتي مشروع فحم المغارة الذي أنفقت عليه ملياراً و600 مليون جنيه منذ عام 1982، وكان من المقرر أن يتم إنتاج 600 ألف طن من هذا المنجم لمدة 30 سنة منذ عام 1987، إلا أن المشروع توقف في عام 2005 دون أن يتم إنتاج أي طن فحم، وخسرت مصر النفقات التي يتم إنفاقها علي المشروع وهي مليار و600 مليون جنيه، ومازالت فوائد القرض البريطاني الذي حصلت عليه مصر من قبل وهو 50 مليون جنيه استرليني، مازالت سارية حتي الآن.
حتي الثروة السمكية في سيناء أيضاً مهدرة، فيوجد في سيناء بحيرة البردويل التي تبلغ مساحتها 169 ألف فدان، إلا أن إنتاجها السنوي من الأسماك يقدر بـ 6 آلاف طن فقط سنوياً.. وتشير الإحصاءات الصادرة عن هيئة تنمية الثروة السمكية إلي أن بحيرة البردويل تعتبر من أنقي بحيرات العالم الطبيعية، ويوجد بها عدد من أجود أنواع الأسماك مثل البوري والدنيس والقاروص وسمك موسي.
وطالبت الهيئة بضرورة تنمية الثروة السمكية في سيناء والاستفادة بها، خاصة بعد إنشاء ميناء العريش البحري ومساحته المائية 40 فداناً، وتبلغ طاقة الرصيف التجاري 15 ألف طن، وكان من المفترض أن يتم تطويره ليصبح ميناء تصديرياً لعدد كبير من منتجات سيناء للسوق الأوروبي.
ورغم كل هذه الخطط، إلا أن أي منها لم يتم تنفيذه رغم تحذيرات الدكتور محمود شريف - وزير التنمية المحلية الأسبق - من ضرورة عدم إهدار ثروات سيناء، والاستفادة بتصنيعها، حيث إنه يتم تصدير خامات الرخام والرمل الزجاجي إلي الخارج بقروش قليلة، ويتم تصنيعه في الخارج ثم نشتريه مرة أخري بملايين الدولارات.. وطالب »شريف« بمنع تصدير الرخام والرمل وغيرها من الخامات وعمل صناعات متكاملة بسيناء للاستفادة من القيمة الكبيرة لهذه الموارد، وتشغيل أياد عاملة والمحافظة علي ثروات سيناء.. فهل تتبني حكومة الدكتور شرف مشروعاً قومياً لتنمية سيناء وتطويرها.. والاستفادة من مواردها من أجل دعم الاقتصاد المصري، ورفع مستوي معيشة سكان سيناء؟
اللواء منير شاش:
إحياء مشروع التنمية ضرورة قومية!
اللواء منير شاش - محافظ شمال سيناء الأسبق - قال: المجتمع السيناوي يختلف عن المجتمعات التي نعيشها هنا في القاهرة، فهذا المجتمع القبلي يضم مجموعة من القبائل، وكل منها لها حمي تعيش فيه، والقبيلة لها نظام يحكمها، ويحكم هذه القبائل كلها قضاء عرفي وهو أعدل نظام عرفه البدو، ومن هنا فيجب علي الشرطة أن تتعامل مع هذا المجتمع وفقاً لطبيعته ولأحكامه وتقاليده، ولا يجوز التعامل مع هذا المجتمع بعيداً عن هذه التقاليد التي يعرفونها ويحترمها الجميع، لذلك لكي نتفادي حدوث مثل هذه الأحداث الخطيرة التي شهدتها سيناء إبان الثورة لابد أن يتم تدريب المسئولين، خاصة ضباط الشرطة الذين سيتوجهون للعمل في سيناء علي طبيعة هذا المجتمع السيناوي وتعريفهم بعاداته وتقاليده وكيفية التعامل معه.
وأضاف: إبان مسئوليتي في المحافظة اتفقنا علي أن يتم منح الأحكام العرفية صفة الإلزام القضائي، فهذه الأحكام لها قدسية خاصة لدي السيناوية، وهو قضاء عادل ونبيل، ومن هنا يجب تعميم هذه التجربة فهي أكثر إلزاماً وحماية للمجتمع السيناوي.
وأشار إلي أن الشرطة هي أساس المشكلات التي حدثت في سيناء بسبب عدم معرفتهم بطبيعة المجتمع السيناوي جيداً، والتعامل معهم بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع سكان الدلتا والوادي، وهذا أمر خاطئ، فطبيعة المجتمع في سيناء تختلف عن باقي المجتمع المصري، وكان يجب علي رجال الشرطة مراعاة هذا الأمر حتي يضمنوا السلام الداخلي في هذا المجتمع.
وأضاف اللواء شاش: لابد من تفعيل المشروع القومي لتنمية سيناء، حيث إن هذا المشروع سيساهم في تنمية المجتمع السيناوي وبالتالي حمايته ذاتياً حيث إن هذا المشروع يستوعب من ٢ إلي ٣ ملايين نسمة سيتم توطينهم في سيناء، كذلك سيتم إقامة 10 مناطق صناعية، بالإضافة إلي استصلاح مساحة 400 ألف فدان.. كان من المفترض أن يتم زراعتها من خلال مد ترعة السلام التي انتهت في عام 1997 حتي الآن لم يتم تشغيلها كاملة لأسباب غير معروفة، وبالتالي لم يستصلح سوي 25 ألف فدان فقط، وباقي أراضي سيناء مازالت بوراً، رغم أن هذا المشروع كان سيتضمن استصلاح 135 ألف فدان في وسط سيناء، لو تم استزراعها فقد كانت كفيلة بخلق مجتمع صناعي - زراعي متكامل يستوعب أبناء وسط سيناء الذين يعانون الفقر الشديد.
الدكتورة علا سليمان الحكيم:
إعادة الثقة بين الحكومة والمجتمع السيناوي لمواجهة الانفلات الأمني
الدكتورة علا سليمان الحكيم - أستاذ التنمية الإقليمية بمعهد التخطيط القومي - قالت: التنمية هي أساس حماية سيناء فلابد من مراعاة احتياجات الناس في هذا المجتمع، والعمل علي توفيرها من خلال إقامة مشروعات مناسبة لطبيعة المجتمع، وتوفير الاستثمارات اللازمة لتنفيذها وبسرعة.
أضافت: بقاء سيناء علي ما هي عليه يعد تهديداً للأمن القومي المصري، لذلك يجب تفعيل الدراسات التي أجريت لتنمية سيناء، كذلك فهذه التنمية لازمة ليس للمجتمع السيناوي فقط، وإنما لمصر كلها، حيث إننا نعاني من مشكلة تكدس السكان في الوادي والدلتا، ونحن في حاجة لإعادة توزيع السكان من خلال توطينهم في سيناء، لذلك يجب الإسراع في مشروعات التنمية، خاصة مشروعات البنية الأساسية والمشروعات التنموية مع ضرورة إعادة الثقة بين الحكومة والمجتمع السيناوي والعمل علي حل مشكلات هذا المجتمع التي تسببت في حدوث هذه الحالة من الانفلات الأمني الخطير الذي ينذر بكارثة في سيناء وقد تستغلها بعض القوي الخارجية للإضرار بأمن مصر.
الدكتورة ابتهال يوسف:
التعليم كفيل بنبذ العنف.. والمشروعات الصغيرة أفضل استثمار للشباب!
الدكتورة ابتهال يوسف - خبيرة التنمية البشرية بالأمم المتحدة - قالت: إهمال سيناء لفترة طويلة جعل أشكال العنف تتنوع فيها، ورغم كل ما أعلن عن مشروعات لتنمية سيناء، إلا أنها لم تتم لأن النظام السابق لم يكن يريد ذلك وفقاً لترتيبات معينة ولإرضاء العدو الصهيوني، لذلك خرجت الأمور عن السيطرة في سيناء، لذلك يجب أن تبدأ تنمية مصر من خلال سيناء، وهذه التنمية يجب أن تبدأ بالتعليم أولاً، والاهتمام بمحو الأمية، وإنشاء المدارس والجامعات أيضاً فيها، فالتعليم كفيل بنبذ العنف والخلافات بين المواطنين والشرطة، مع ضرورة أن تراعي الشرطة طبيعة المجتمع السيناوي، وكيفية التعامل مع أهل سيناء، وتعريف الناس بحقوقهم وواجباتهم، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان لدي رجال الشرطة بشكل عام ولدي المتعاملين مع أهالي سيناء بشكل خاص.. مع ضرورة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة وتدريب أبناء سيناء علي إدارة هذه المشروعات ومساعدتهم في تصريف منتجاتهم من خلال إشراف الدولة علي هذه المشروعات وتوجيه أصحابها الوجهة الصحيحة، حتي لا تتكرر مشكلات مشروعات شباب الخريجين في الدلتا، حيث قام الشباب بعمل المشروعات ولم يتمكنوا من تصريف منتجاتهم، وبالتالي كانت خسارتهم فيها فادحة.
الدكتور فتحي مصيلحي:
تأمين سيناء داخلياً لضمان أمن مصر الخارجي
الدكتور فتحي مصيلحي - خبير التنمية الإقليمية بمعهد التخطيط القومي - قال: الأحداث التي شهدتها سيناء تؤكد وجود خطر قادم من هذا الجزء المهم من مصر، فالتهديدات ليست خارجية فقط، وإنما داخلية أيضاً، فمشكلات أبناء سيناء مع الشرطة انعكست علي مؤسسات الدولة كلها، حيث اتجهت رغبة الناس إلي الثأر من الشرطة والتخلص من كل ما يمت للأمن بصلة بل وإلي سلب ونهب الممتلكات الخاصة لضباط الشرطة ومكاتب البريد والتضامن الاجتماعي وما إلي ذلك من مؤسسات الدولة وإن كانت هذه الأحداث وقعت في كثير من المدن المصرية، إلا أن ظهور كل هذا الكم من الأسلحة في سيناء أمر خطير، فقد ظهرت أسلحة آلية وثقيلة في يد البدو، ومن هنا يجب الانتباه إلي خطورة ما يحدث في سيناء، فإهمالها طوال كل هذه السنوات أدي لظهور قوة أخري غير قوة الدولة فيها، بل إن التعامل الخاطئ من رجال الشرطة مع أهالي سيناء خلق حالة من الضيق تجاه رجال الشرطة خرجت في صورة عنف متبادل بين الطرفين، ومن هنا فلابد من فتح صفحة جديدة بين الدولة وأهالي سيناء لأن أمن سيناء الداخلي سيترتب عليه تحقيق الأمان لمصر كلها، وهذا الأمن الداخلي يستلزم ضرورة الاهتمام بمشروعات التنمية بما يتناسب مع مقومات المجتمع السيناوي وطبيعته، حيث يمكن الاهتمام بالمشروعات الصغيرة المعتمدة علي الموارد الموجودة في البيئة، ومنح أصحابها قروضاً بدون فوائد لتنميتها وتصريف هذه المنتجات من خلال جهة حكومية تتولي مسئولية البيع في كل أنحاء مصر، يتزامن مع هذا سرعة إتمام المشروع القومي لتنمية سيناء ولتوطين ما يقرب من 3 ملايين مصري فيها، فهذه أفضل وسيلة لحماية أمن مصر الداخلي والخارجي.
كما يجب ضمان ولاء البدو لمصر فيجب علي الدولة أن تقدم لهم الخدمات اللازمة لربطهم بمصر مثل التعليم والتوسع في إنشاء المستشفيات ومراكز الخدمات والمواصلات والاهتمام بحُسن معاملة الشرطة مع البدو، فهذه أفضل الوسائل لتأمين حدود مصر الشرقية داخلياً وخارجياً أيضاً