وأضافت أن المصريين يدركون حاليا أن "مباركستان"، الصرح الافتراضي الذي أنشأه مبارك وزمرته لضمان استمرار الهيمنة من دائرة مغلقة من السياسيين ورجال الأعمال، لم ينهر مع سقوط رئيسه وحاميه.
وتابعت أن :" مباركستان هي في الواقع دولة كاملة، وهي القوة الاستعمارية بكل ما للكلمة من معنى، لديها آلة الدعاية الخاصة بها والميليشيا الوحشية التابعة، ورأس المال الخاص بها يتواجد في مدينة شرم الشيخ، حيث النخب الحاكمة تتناول العشاء المستورد، وتقيم في صالة فخمة على الشواطئ الرملية".
وتوضح الصحيفة أن "دولة مباركستان تتواجد في كل مكان بمصر وليس شرم الشيخ فقط، فهي تتواجد في شكل جيوب صغيرة بالمجمعات السكنية المتكاملة في الأماكن الأكثر إثارة في البلد، وتترك 40 ٪ من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، الذي يشكل "جيتو" كبيرا في جميع أنحاء البلاد، فدولة مباركستان تفتخر بأن لديها حتى البنك الخاص بها، وهو المصرف العربي، الذي يقف على أرض مصر، ومع ذلك هو مؤسسة تجارية بعيدة تماما عن يد الحكومة المصرية ولا تخضع لأي رقابة حكومية".
وتساءلت الصحيفة باستغراب عن السبب الذي جعل بنك مباركستان الذي لا يخضع لأي رقابة لا يزال يعمل رغم اكتشاف هويته الحقيقية وأنه وسيلة لتهريب الأموال المصرية المسروقة للخارج.
وتشير الصحيفة إلى أنه رغم تعهد المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بمبارك بمحاربة للفساد، إلا أنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع، ومع ذلك فإن التغيير المطلوب يحدث حاليا ويتمثل في شيء واحد وهو أن مبارك وعائلته أقرب إلى النيابة اليوم مما كانت عليه من أي وقت مضى، وصحيح أنه قدم عددا من كباش الفداء، بما في ذلك وزير الداخلية الذي أعطى أوامر لإطلاق النار على المتظاهرين، لكن المقربين من مبارك الذين تورطوا في انتهاكات صارخة وحشدوا ثروات ضخمة، ما زالوا طلقاء؟!.
وتطرح الصحيفة عددا من الشخصيات الذين كانوا يد النظام ولسانه في البطش بالثوار، وأكثرهم خطورة لا يزالون متواجدين في التليفزيون والصحف التي زورت الحقائق خلال الاحتجاجات، ولا يستطيع المصريون نسيان كيف أن التليفزيون اتهم زورا المتظاهرين بأنهم جواسيس لقوى خارجية يهدفون لزعزعة استقرار البلاد.
وتتساءل الصحيفة لماذا لايزال هؤلاء المسئولون في مواقعهم؟ وعدم الإجابة على هذا السؤال تثير القلق بشكل خاص من أن المجلس العسكري والحكومة الجديدة برئاسة عصام شرف، يستخدمون نفس الإستراتيجية التي استخدمها نظام مبارك.
وأضافت أن هناك ظاهرة أخرى محيرة وهي الوضع الأمني، ففي كل يوم تقريبا نسمع عن السجون التي يتم فتحها عنوة، والحرائق التي تندلع في المنشآت الحساسة، بما فيها وزارة الداخلية والبنك المركزي، وكثيرا ما تكون هذه الحرائق تمويها لعدم تقديم أية معلومات.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن الجيش والحكومة لم يعد بإمكانهما تجاهل الرأي العام، ومواصلة تقديم إجابات غير كافية لجميع هذه الاستفسارات، وأنها إذا واصلت ذلك فإنهم سيرتكبون خطأ تاريخيا، وأعربت الصحيفة عن اعتقادها أن موجة التغيير لا يمكن أن تعود إلى الوراء مهما كان مبارك ونظامه ثابتا ويقاوم التغيير، فقد سقط نظام مبارك ومن الصعب البقاء في السلطة، وأن نظام مبارك قد يسجل بعض الانتصارات المحدودة، ولكن لا يمكن لأي شيء في النهاية أن يسلب من المصريين ثورتهم