نيرون مصر
د. سعد عطية الغامدي
نيرون: رمز الحكام الظلمة والطغاة والمستبدين
إن كان لنيرون من عذر فنشأة مضطربة
وظروف متوترة ومكايد متوالية دامية
تولى الحكم في الخامسة عشرة
وقتل في الحادية والثلاثين
بعد أربع سنوات من إحراقه روما
كان يشاهد النيران تأتي على رجالها ونسائها وأطفالها
وهو مستمتع مبتهج في قمة النشوة
تورد بعض الروايات أن اليهود
هم وراء جبروته في الحرب على المسيحية الوليدة
وعلى نفس المنوال فهم وراء أكثر من نيرون
في حربهم على شعوبهم ...
ليس أذل من نهاية يرى فيها الحاكم شعبه
يقاسي الذل ويعاني الحرمان
بينما هو وبطانته ينعمون بألوان الترف وأصناف المتعة ..
يتلذذون بآلام شعوبهم
وجراحها تحترق كما كانت روما تحترق
نيرون .. شعبك في الأهوال يشتعل
وأنت فوق دماء الشعب تحتفل
تطل من شاشة الخزي التي غرقت
في حمأة الزور كي يلهوا ويقتتلوا
نيرون حسبك إن الجرح ملتهب
جرح الكرامة جرح ليس يندمل
ليست عمارات روما .. أو شوارعها
لكنها مصر .. أم المجد .. والأمل
ولست في زهرة الدنيا ونضرتها
بل قد هرمت، وها قد حمحم الأجل
أما سئمت الثلاثين التي سئمت
بطش البطانة .. حتى ضاقت السبل ؟!
تقول تخشى رحيلا سوف تعقبه
فوضى ولكنها الأعذار تنتحل
فأين ما شدت من عدل عملت له
إن جاء يوم كهذا مثل من عدلوا
وأين تجربة الحكم التي نضجت
لكنه الظلم والطغيان والزلل
مضى الطواغيت إلا أنت في نفر
من الطغاة .. تحاشى زيفكم هبل
ألا ترون عدواً لا ينازلكم
إلا بحرية ما شابها وجل ؟!
ألا ترون شعوباً في تململها
قد عضها الجوع والحرمان والعلل ؟!
وحولكم من شعوب الأرض من بلغوا
أوج التحضر، ما اقتيدوا .. وما اعتقلوا
يبنون في كل يوم من مآثرهم
مجداً رفيعاً ولم يشقوا بما عملوا
يشكو الزمان وأنتم في تشبثكم
بالحكم، ما نالكم في لحظة خجل
وللشباب منى لا تشعرون بها
لعل أيسرها التعليم والعمل
لا تشعرون بما يدمي مشاعرهم
فكلكم عنهم بالبطش منشغل
هم عاطلون .. وأنتم في متارفكم
غرقى، فأنى يفيق المترف الثمل ؟!
نيرون .. ظلمك واهٍ مثل من ظلموا
نيرون .. يومك آت مثل من رحلوا
هذي الكنانة هبت فالتمس سبباً
إلى رحيل، لعل الغم يرتحل
واحقن دماءً وصن أهلاً لعل غداً
يأتي فينصف من هبوا .. ومن بذلوا
فرب ماجدة في الخطب صامدة
تبلي وتفعل .. ما لا يفعل الرجل
ورب طفل رأى رأيا فأورده
من مورد العز ما تزهو به المثل
ورب شهم تكاد الشمس تلثمه
لأنه شامخ كالشمس يبتهل
وأن هذي الحشود الشم ما تعبت
ولا ثنى سيرها .. عن غاية ملل
تقول: كف الأذى وارحل وكن بطلاً
إن كنت تعرف ما يحيا له البطل
فقد شبعت وقد جاعوا، وقد بطرت
بطانة عف عن أوحالها الوحل
راحت تعيث فسادا ليس يردعها
عن غيها رادع فالبطش متصل
هذا صديق وذا صهر وذا ولد
يعده والد لم تعيه الحيل
يلقي بمصر إلى المجهول في صلف
ومصر في صلف المجنون تشتعل
لمن يبيع رباط الحق في زمن
تضيع فيه حقوق خلفها دول ؟؟
يا مهلكا مصر شلت منك أمنية
وشل عقل سرى في زيفه الخطل
ماذا ستجني وطيف العمر مرتحل
والروح يصرخ في أطيافها الشلل؟
من أجل من تحرق الأحرار في وطن
تألقت في سماه الأنجم الأول؟
لأجل من تزهق الأرواح يا صنما
تلاحم العار في مسراه والدجل؟
مصر العروبة والإسلام خالدة
وطغمة البغي مثل البغي لا تصل
تظل من نفق تمضي إلى نفق
وليلها بظلام الجور مشتمل
يافتية الحق هذا يوم ثورتكم
فيها البشائر والآمال والجذل
فيها التحرر مثل النور منطلق
فيها التوثب مثل الغيث منهمل
لا ترجعوا قبل أن تحيوا بها أملا
يظل بين شعوب الأرض ينتقل
يستلهم العزة الكبرى ويطلقها
في الناس توقظ من عن حقهم غفلوا
وينتهي كل نيرون وزمرته
إلى السعير وتذكي المشرق الشعل
تاريخ التسجيل
التقييم
النقاط
الجنس
مزاجى
الأحد 6 فبراير 2011 - 17:02
