شهد نائب المدير
تاريخ التسجيل : 18/09/2010 المشاركات : 5742 التقييم : 52 النقاط : 14462 المهنة : مزاجى :
| موضوع: شجراتي في محراب الاخضر السبت 27 نوفمبر 2010 - 19:16 | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :شجراتي“ولما غضبت ويبس ما بينهما ضاق بهجرها فانصرف إلا شجرات كان يخلو إلا نفسه في ظلها ونضرتها ونسميها وما فيها وما حولها وظن أنها تنبت شيئا في جدب الهوى أو ترمي بظل على رمضاء القلب فكان في وهمه كالذي يحاول أن يجد نساء من الشجر ..وهناك كتب هذه الرسالة في الربيع …والتي بعدها في الشتاء…..لي صديقات نم الشجر أعرفهن ويعرفنني منذ سنوات وهن ينزلن مني بعض الأحيان منزلة الحب لأن فيها شيئا من دلال النساء الخفرات أجد أثره في قلبي ولا أجد برهانه على لساني فإذا هممت أن أبن عنه وأبتغيه بالعبارة أخفته العبارة حتى لا يزيده البيان إلا غموضا وسوء معرض ولكن لكن إذا مضيت أفكر فيه تبينته أشد تبين فأحسست في ظلهن المستحي ونسيمهن المتنهد وغصونهن المنثنية شمائل حبيبة إلا نفسي ورأيت لها معاني لا تقع إلا في القلب ثم لا تقع نته إلا في الموضع الذي مسته يوما نفحة أو قبلة أو تنهد..وإنما قيمة الأشياء بما فيها من أثر القلب أو بما لها من في القلب من أثر ولرب شيء تافه لا خطر له ولا غناء فيه ثم يكون في يد ك محب من حبيبه النائي أو الممتنع الهاجر فإذا هو قد تحول بموقعه من القلب إلى غير حقيقته فأطلعه الهوى من مطلع آخر ليس في الطبيعة فيرتفع ثم يرتفع حتى كأنه عند صاحبه ليس شيئا في الدنيا بل الدنيا شيء فيه ويكون ماهو كائن وينبعث منه روح ذات جلال أقل ما فيه أنه فوق الجلال الإنساني هذه صغار الحياة حتى خالطها القلب أصبحت في الحياة أكبر كبائرها كأن قلب كل إنسان هو النقطة المحدودة له من الكون والكون كله مبعثر من حوله فلا بداية لشيء ولا نهاية لشيء ولا قرب ولا بعد ولا صغر ولا كبر ما يكون له قياس إلى القلب ……… والحب قدرة إنسان على قلب إنسان فهو من ثم قدرة قدرة على الكون التنصل بالعاشق وهو بهذه القدرة أشبه بألوهية لو ساغ في الظن أن توجد ألوهية عاجزة عن كل شيء إلا عن التصرف في مخلوق واحد وهو بكل ذلك إما حقيقة كبرى او سخرية كبرى…..*************تقوم شجراتي على مسيل من الماء في قاصية بعيدة عن المدينة وتراهن فوق الماء صفا إحداهن إلى إحداهن كأن هناك بقعة من الجنة قامت فيها قصور الزمرد على طريق أرضها من الفضة البيضاء المجلوة .وأراهن كلا سنة يتجردون من الأوراق ليستكين أوراقا مثلها لا تخلفها في شيء من الهيئة ولا تباينها في معنى الطبيعة ولكن بين ما يخلعن وما يلبسن تزيد فيهن الحياة وتشب الروح وتتجدد القوة فتلقى الشجرة أوراقها وتستقبل الشتاء مقشعرة جرداء لتظهر في الربيع كاسية جميلة ، جديدة في حسنها تتبرج بروحها قبل ثيابها ، كالحسناء الفاتنه أو ما يتحرك في دمها الحب…كذلك لا تتبرج الروح إلا خارجة من شقاء أو مقبلة على شقاء ، وما أشبه الحب في الناس بهذا الربيع في الشجر هو الطريق الأخضر يمتد إلى الجدب واليبس والألم وإما إلى غاية منسية مهملة في الجفاء أو السلوة!و>هبت في ضحوة النهار إلى صديقاتي أحييهن كعهدي بين حين وحين وما أكرمه عهدا لمن لا يختلفن من ملل ولا يتغيرن من ك>ب ولا يتبدلن من خيانة فلما جئتهن تحفين بي وتناولن قلبي يمسحنه ويتحببن إليه واقبلن يغازلنه ويأخذن فيه مأخذ من تحب فيمن يحبها حتي لم أشعر منه إلا ما اشعر من زهرة فيها أرجها العاطر أو ثمرة فيها ماؤها الحلو أو نبتة فيها لونها الأخضر…ونبهن فيه برفقهن هذه القوة المتواضعة المظلومة التي تتوجه بالإنسان إلى ربه فتكون عبادة وإلى الناس فتكون رحمة وإلى بعض الناس فتكون الحب،فإني لتحت ظلالهن الوارفة وكأنني من السمو لتحت اجنحة الملائكة ، وإني لمع أغصانهن النضرة وكأني من السرور أداعب أطفالا صغارا تبسم لي وإني لبين أنفاسهن وكأني من النشوة مع الخيال الذي اتخيل…تجلت علي القوة التي تحول الشعاع إلى ظل ، والهواء إلى نسيم والزمن إلى ربيع فكنت في الشجر الصامت شجرة متكلمة وانسللت من الطبيعة إلى طبيعة غيرها ووقفت بين عفو الله وعافيته في هذا المحراب الأخضر ومن ٌلبي المتألم أرسلت إلى السماء هذه التسابيح ذاهبة مع تغريد الطير ..*************يامن غرسني في الحياة كهذا الغراس بين الماء والنور ولكنه جعل جذوري كلها مستقرة مثله في الطين ..يامن لا يؤتيني معنى شريفا ساميا على هذه الأرض إلا إذا عرفت بإزائه معنى وضيعا سافلا ، ولا ينضج ثماري ويحليها إلا بعد ان تنبت فجة مرة لا تذاق…يا خلقني إنسانا ولكنه قضى على أن أقطع الحياة كلها أتعلم كيف أكون إنسانا ، كالبذرة : تقضي عمرها في إخراج شجرتها ونموها حتى إذا كملت الشجرة قطعت لأغراض أخرى غير التي من أجلها نبتت…يا من وهب عبادة العقل بين هذه النواميس التي لا تعقل حتى لا يتم أبدا عقل إنسان ولا تكمل أبدا حكمة حكيم فيظل باب الخطأ مفتوحا لأكبر العقول واصغرها ، وتكون الحيرة قاعدة من قواعد العقل ، ليخرج من ذلك أن يكون التسليم قاعدة من قواعد القلب..يا من جعل من شفائنا بالعلم داء آخر من العلم حتى لا يرتفع المضر من الأرض ولو صار اهل الأرض كلهم علماء….يا من جعل النــاس في الحياة كأوراق الشجر ، من اليابسة التي تتقصف إلى جانب الخضراء التي ترف ، ثم إذا الناس جميعا كالأوراق جميعا ،يبست فارفتت(يعني تفتت) فطارت بها الريح تذروها فلا يعلم مستقرها ومستودعها إلا هو ..ويامن خصني بهذا القلب العاشق الذي يتألم ويضطرب حتى عندما ألمس كتابا أعرف ان فيه قصة حب وهو مع ذلك يتكبر على كل آلامه ولا يخضع أبدا إلا جوابا على خضوع آخر فكأنه لا يدنيني ممن أحبهم إلا لأعرف ما أكرهه فيهم ، وهو من فرط رقته آلة إحساس جامدة لا قلب حي..!ويامن جعل هذا القلب فيَّ كجناح الطائر لا يطير ولا يرتفع ولا يسمو ولا يتقاذف إلا إذا نشر هو جناحه الآخر فلا ابحث عن الحب لأجد الحبيبة وجمالها وحبها ، بل قوتي وسموي وكبريائي يا إلهي :تقدست وتباركن، إني لا أنكر حكمة آلامي فما أنا إلا كالنجم :إن يسخط فليسخط ما شاء إلا ظلمة ليله التي تشب لونه وتجلوه ولولاها لما رأت العين شعاعة تلمع…..لم تعطني يا رب ما أشتهي كما أشتهيه ولا بمقدار مني ، وجعلت حظي من آمالي الواسعة كالمصباح في مطلعه من النجوم التي لا عدد لها ولكن سبحانك اللهم لك الحمد بقدر ما لم تعط وما أعطيت ، لك الحمد أن هديتني إلى الحكمة وجعلتني أرى أن نور المصباح الضئيل الذي يضيء جوانب بيتي هو أكثر نورا في داخل البيت من كل النجوم التي ترى على السطح وإن ملأت الفضاء…سبحانك اللهم ، إن هذا الشجر ليتجرد ويذوي ثم لا يمنع ذلك ان يكون حيا يتماسك ويشب وإنه ليخضر ويورق ثم لا يعصمه ذلك أن يعود إلى تجرده ويبسه ، فما السعادة أن نجد الزينة الطارئة ولا الشقاء أن نفقدها ، وما الشجرة إلا حكمة منك لعبادك تعلمهم أن الحياة والسعادة والقوة ليست على الأرض إلا في شيء واحد هو نضرة القلب..!سبحانك ، إن الساخط على الحياة والحياة منك ، ليس إلا كورقة في شجرة قد بدا لها فسخطت شجرتها وعملها ونظامها ولونها وانتزعت نفسها وهوت في التراب لتخلق أوهامها وتخرج من نفسها على ما تحب شجرة جمال ولون وثمر فإذا هي اهون على الأرض والسماء من أن تكون إلا ورقة يابسة قد هلكت حمقا وارفتت رغما وهوانا وضاعت فيما يضيع. سبحانك .سبحانك. اللهم لا تجعل ما يرفعني يقذفني. ولا ما يمسكني يرميني. ولا ما ينضرني يجفو بي..**************ولما فرغت من ابتهالاتي ، اتكأت على حبيبة منهن وجعت أفكر وأنا أحس كأن كل شجرة تضع قبلة ندية على قلبي أو كأن غصنا مطلولا ينفض طل الصباح قطرات في دمي ..وسالت نفسي: لم لا يكتس الشجر كل عام جنسا من الورق ، فإذا اخضر هذا العام احمر من قابل ، ثم يصفر في الذي بعده ، ثم يكتسي من الوشي الأزرق في الذي يتلوه ، ثم يطلع في الديباج الأسود وهلم إلى عدد الألوان خالصة او متمازجة؟؟أذلك لأن الطبيعة عاجزة عن التفنن ، أم لأنها شحيحة مقتصدة ؟أم لأن تركيب العام قائم على أن تبقى الحقيقة قائمة كما هي لا تتغير ، ام لأن كل شيء يستمر على ونيرة واحدة ليظهر جانبا معينا من حكمة الله؟ فينشئ جانبا معينا من ذوق الإنسان وفكره ، أم العالم كله كلمات صريحة تقول لهذا الإنسان :…إنك أنت وحدك المتقلب المتلون؟*************ثم مددت يدي فصرت غصنا من تلك الأماليد الناعمة اللينة، فإذا هو ريان تجد مس الماء في قلبه ، ولكنه اقبل في يدي بعد قليل على الموت وأنشأ يذوي مضمحلا ، فجعلت اتأمله فلم أرَ جزعا ولا خورا ولا إشفاقا من أمر يأتي ولا إشفاقا من أمر يأتي ولا حنينا إلى شيء مضى ، فعلمت أن القوة كل القوة ألا يجزع الحي ، فإذا هو لم يجزع يجبن ، وإذا أمن الجبن لم يستذله شيء ولم يكن الشقاء في رأيه شقاء بل مصادمة بالحياة لبعض نواميس الحياة ومضى كما هو جزءا على وضعه في الكل الذي هو فيه فتساوق مع الكل وبقوة هذا الكل ، فامن المنافرة واتقى على نفسه آلامها فإن لم ينعم بشيء فقد نعم بأنه راض مطمئن وما في المهنا أكثر من الرضا! قال لي ذلك الغصن الأملد وهو يموت في يدي ويعاج سكراته : أيها الإنسان الضعيف ، هاأنت ذا تراني رؤية العين وتعرف بي سرعة انقطاع الحياة وتستيقن مني ان ما يجيء بطيئا يذهب حين يذهب سريعا، وأن طرفة عين من ساعة الموت تمسح السنسن الطويلة والعمر المتقادم وتقفل الباب على هذا العالم كله فكن غصنا في شجرة الحياة، ولكن اعلم مثلي أن الشجرة لا تعلمك مثبتا فيها بالمسامير ولا مشدودا إليها بقوة أزلية ، فلك منها المنبت على أن تمون قابلا للكسر ، ولك منها الزينة على أن تكون قابلا للتجرد وإنما أنت فيها كما أنت لتظهر فيك حقيقتها كما هي فليس لك أنت حقيقة .أيها الإنسان ، إن للشجرة تماثيل يرفعها الله في كل مكان يوجد فيه الإنسان لتقول له كن دائما ذا فروع لتظلل بأبنائك موضعك من التاريخ ، كريما في حياتك تعطي مما تأخذ كن طاهرا تعرف كيف تستمد من كل شيء شيئا واحدا يعيش عليك ، كن مع جنسك مختلف الظاهر على جرثومتك وموضعك فذو ثمر أو زهر أو شوك……. ولكن ابق مع غيرك من الناس على قانون واحد.يا شجراتي ما أنتن إلا من بعض صور الحب ولكن حبكن من النعمة والعافية ، إذ لا تنتهي في النفس معاني شهواتها ، بل معاني لذاتها فقط..أنتن المثل الهنيء الذي لا بؤس فيه ولا حظ كالمعبد الذي تحمل إله الآلام والأوجاع لتنسى فيه هنية من الزمن ولهذا يقبل عليكن الحكماء وأهل النفوس الحاسة والطباع الرقيقة ، ياتون بالأنفس الذابلة والقلوب المتوهجة في ضعفة وسأم ليرجعو في هذه وهذه باللون الأخضر وبرح النسم في قوة عزيمة..**************لا بؤس ولا حظ في القاعدة الطردة التي تجري على وتيرة واحدة وكن حين تختار الحكمة الإلية شخصا بعينه لتجري عليه الحكم الشاذ من القاعدة وتهيئ له الأحوال الشاذة فهناك إما حقيقة البؤس وإما حقيقة الحظ .وما أصل الهم والشقاء في الإنسان إلا أن كل إنسان يتمنى لنفسه ان يشذ من قاعدة ما……….
عدل سابقا من قبل شهد في الخميس 2 ديسمبر 2010 - 14:07 عدل 1 مرات |
|