"ليس لدي معلومات عن هذا.. وأعتقد أنه لم يحدث"..
كانت هذه إجابة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على سؤال وجهه له المستشار أحمد فهمي رفعت، أثناء إدلائه بشهادته في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك، كان السؤال: هل أصدر رئيس الجمهورية أوامر باستخدام القوة ضد المتظاهرين في25 و28 يناير؟
المفارقة المحزنة والمخزية، التي نحياها الآن، هي أن المشير لا يستطيع أن يرد بنفس الإجابة إذا ما سئل عن إصدار الأوامر بقتل المتظاهرين في 19 و20 نوفمبر، والسبب أن المشير طنطاوي في 25 يناير، كان أحد مرؤوسي الرئيس المخلوع، بينما هو الآن في 20 فبراير، يرأس المجلس القائم بأعمال رئيس الجمهورية، أي أنه هو المسئول الأول، وبالتالي لن يستطيع نفي علمه بالأحداث أو الرد عن طريق الظن بأنه "يعتقد" أنه لم يحدث.
فإن كنا نحاكم مبارك على قتل المتظاهرين في 25 و28 يناير، فيجب علينا بالأولى أن نحاكم المشير طنطاوي على قتل الشهداء الذين سقطوا في 19 و20 و21 فبراير ولازالوا يتساقطون تحت بنادق وقنابل الداخلية والشرطة العسكرية.
وبما أن هذا لن يحدث الآن، نتيجة عدم شعور المشير طنطاوي أو أي من أعضاء المجلس العسكري بالخزي والعار لما يحدث، وبسبب تواطؤ قوى سياسية يهمها أولا وأخيرا مكاسبها ونصيبها في البرلمان، ولن تلتفت لدماء الشهداء - التي كانت سببا رئيسيا في خروجها من جحورها وتمكينها من ممارسة العمل السياسي بعد الثورة - وبالتالي، فإننا ننصب محاكمة رمزية للمشير طنطاوي، نعيد من خلالها نفس الأسئلة التي وجهت له أثناء شهادته في قضية مبارك، ولكن هذه المرة ليس بصفته شاهدا، وإنما بصفته متهما أولا ورئيسيا وأصيلا في قضية يقف فيها خلف القضبان، ويكون فيها الشعب قاضيا وجلادا، منتظرين أن يمتلك المشير طنطاوي أو أي من أعضاء المجلس العسكري الشجاعة للرد على هذه الاتهامات:
الشعب:
س: بصفتك رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائم بمهام رئيس الجمهورية، هل وجهت أوامر إلي وزير الداخلية "منصور العيسوي" وقائد الشرطة العسكرية "حمدي بدين" باستعمال القوة ضد المتظاهرين بما فيها استخدام الأسلحة الخرطوش والنارية من 19 نوفمبر حتي 21؟
س: هل تركت للمتهمين المذكورين من أساليب لمواجهة الموقف؟
س: هل ورد أو وصل إلى علم سيادتكم معلومات أو تقارير عن كيفية معاملة رجال الشرطة والشرطة العسكرية لللمتظاهرين؟
س: هل رصدت الجهات المعنية بالقوات المسلحة وجود قناصة استعانت بها قوات الشرطة أو الشرطة العسكرية في الأحداث التي جرت؟
س: تبين من التحقيقات إصابة ووفاة العديد من المتظاهرين بطلقات خرطوش أحدثت إصابات ووفيات.. هل وصل ذلك الأمر لعلم سيادتكم وبم تفسر؟
س: هل تعد قوات الشرطة والشرطة العسكرية هي المسئولة دون غيرها عن إحداث إصابات ووفيات بعض المتظاهرين؟
س: هل تستطيع سيادتك تحديد هل كانت هناك عناصر أخرى تدخلت؟ وما هي تلك العناصر؟ وما حقيقة ارتداء الشرطة العسكرية لزي الأمن المركزي والمشاركة في الاعتداء على المتظاهرين؟
س: وعلى وجه العموم.. هل تتدخل وفقا لسلطتك في أن تحافظ على أمن وسلامة الوطن في إصدار أوامر أو تكليفات في كيفية التعامل؟
س: ولمن تصدر على وجه العموم هذه الأوامر؟
س: وهل يجب قطعا على من تلقى أمر تنفيذه مهما كانت العواقب؟
س: وهل كنت على علم من مصادرك بقتل المتظاهرين؟
س: وهل تدخلت بأي صورة كانت لوقف نزيف المصابين؟
س: هل يحق وفقا لخبرة سيادتكم أن يتخذ وزير الداخلية وقائد الشرطة العسكرية، ما يراه كلاهما منفردين، من إجراءات ووسائل وخطط لمواجهة التظاهرات دون العرض عليك؟
س: هل أبلغت بدخول عناصر مندسة لإحداث اضطرابات؟
س: هل تم القبض على عناصر أجنبية في ميدان التحرير وتم إحالتهم للنيابة العسكرية؟
س: وهل اتخذ "منصور العيسوي" و"حمدي بدين" قرار مواجهة التظاهرات بما نجم عنه من إصابات ووفيات كلاهما بمفرده بمساعدة المتهمين الآخرين؟
س: على فرض إذا ما وصلك تداعيات التظاهرات يوم 20 نوفمبر إلى استخدام الشرطة والشرطة العسكرية آليات مثل إطلاق مقذوفات نارية أو استخدام سيارات لدهس المتظاهرين.. هل كان أمر استعمالها يصدر من منصور العيسوي وحمدي بدين ومساعديهما بمفردهم؟
س: لماذا تعاون وزير الداخلية مع القوات المسلحة لتأمين المظاهرات؟
س: هل تعد أنت، بصفتك رئيس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة شئون البلاد، مسئولا مسئولية مباشرة أو منفردة مع من نفذ أوامر التعامل مع المتظاهرين الصادرة منك شخصيا؟