أكد مجموعة من شباب ثورة 25 أن مصر ستقدم نموذجها الخاص، ولن تستنسخ تجارب دول أخرى، فلكل دولة ظروفها، ولا يمكن تعميم نموذج سياسي واقتصادي لدولة ما على دولة أخرى.
وقال ممثلون لوفد شباب الثورة الذى يزور تركيا حاليا فى حوار مفتوح فى برنامج ''من اسطنبول'' على قناة ''تي ر تي'' التركية '' الناطقة باللغة العربية أمس السبت: إن التجربة التركية فيما يتعلق بعمل المحليات ومنظمات المجتمع المدني هي من التجارب الناجحة والمهمة جدا.
وأضاف ممثلو وفد شباب الثورة، وهم 10 من الشباب شاركوا فى البرنامج كممثلين للوفد الذى يتألف من أكثر من 50 شابا، ردا على أسئلة مقدمي البرنامج حول النموذج التركي وهل يمكن للثورات العربية أن تستفيد منه وتسعى لتطبيقه، أن هناك العديد من النماذج الناجحة فى العالم الإسلامي، منها النموذج التركي، والنموذجان الماليزي والإندونيسي، وأن شباب الثورة درسوا جميع هذه النماذج.
وأكدوا أن مصر تعمل على تقديم نموذجها الخاص بروح السرعة والمنافسة مع التحديات والظروف التى تواجهها فى هذه المرحلة، قائلين إننا بحاجة للاستفادة من جميع النماذج والخبرات فى العالم الإسلامي، من أجل تقديم نموذج أقوى من الناحيتين السياسية والاقتصادية.
وحول الدوافع التى حركت الشعب المصري للقيام بثورة 25 يناير ذكر ممثلو وفد شباب الثورة إن الفساد والتزوير الفاضح للانتخابات البرلمانية العام الماضي، والقمع وكبت الحريات والقبضة الأمنية الشديدة، وقتل بعض الناشطين السياسيين بسبب التعذيب فى جهاز أمن الدولة المنحل، وتضييق الخناق على حرية التعبير وصحف المعارضة كانت جميعا من الأسباب التى حركت الثورة فى مصر فضلا عن نجاح الثورة التونسية، التى وصفها الشباب بأنها '' أم الربيع العربي''.
وأضاف الشباب أن السياق العام فى مصر قبل الصورة جعل المواطن لا يشعر بكرامته وبأن مصر لم تعد وطنه وإنما وطن لرجال النظام السابق بقيادة حسني مبارك، ووصل الجميع إلى مرحلة فقدان الحلم والأمل وانسداد الأفق.
ولفت الشباب إلى ان الثورة بدأت تحت شعارات ''الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية''، وكان الشعب على استعداد لتقديم أي تضحيات فى مواجهة استفزازات النظام وعدم استجابته لمطالب الشعب.
وحول ما إذا كانت الثورة المصرية هى فعلا ''ثورة الفيسبوك '' لفت الشباب إلى أن هناك عوامل كثيرة جعلت من موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك '' عاملاً مهما في التحضير للثورة وتجمع الشعب فى ميدان التحرير فى 25 يناير بسبب التضييق على الصحف ووسائل الإعلام والناشطين، ولذلك كان لهذا الموقع دور كبير في نجاح الثورة إضافة إلى دور بعض القوى والتيارات السياسية.
وحول موقف الثورة من القضية الفلسطينية وما إذا كانت هذه القضية تعيش في وجدان الشعب المصري، أكد شباب الثورة أن القضية الفلسطينية حاضرة دائما فى وجدان الشعب المصري، لكن النظام المصري السابق كان يعمل على تكميم الافواه ومنع الحديث عن هذه القضية.
ولفتوا إلى أن القضية الفلسطينية كانت على رأس الأولويات بعد سقوط نظام مبارك بدليل تحقيق المصالحة الفلسطينية وفتح معبر رفح، موضحين أن القضية الفلسطينية حاضرة فى وجدان جميع الشعوب العربية لكنها كانت غائبة عن الحكام.
وفيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية المشروطة وإمكانية استبدالها بالمساعدات العربية لمصر، شدد الشباب على رفضهم اية مساعدات مشروطة، لافتين إلى أن كل من يريد تقديم مساعدات لمصر فى هذا الوقت له أهداف معينة فأمريكا تريد التقرب من الشعب المصري حاليا بعد سقوط نظام مبارك الحليف القوي لها، ولذلك فمن المتوقع أن تخفف من شروطها.
أما بالنسبة للمساعدات من الدول العربية فإنها ستكون مرفوضة إذا اقترنت بالمطالبة بعدم محاكمة مبارك، لأن حكام بعض الدول العربية يخشون أن يواجهوا المصير نفسه. وعبر قطاع من الشباب عن رفضهم الكامل للمساعدات المشروطة أو غير المشروطة والعمل بدلا عن ذلك عن تأسيس نظام اقتصادي مصري قائم على الاستدامة وليس اقتصادا ريعيا، موضحين أن ثورة مصر هى ثورة من أجل الكرامة وليست ثورة جياع.
وأضاف الشباب أن الاختلافات الأيدلوجية لا تشكل خطرا على مستقبل الثورة والديمقراطية فى مصر، وأن القضية الرئيسية التى يجب الانتباه إليها هي كيفية تأسيس نظام لا يؤدي إلى ديكتاتورية شبيهة بديكتاتورية مبارك.
وعن أسباب تخلي الولايات المتحدة والغرب عن دعم مبارك والرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، رغم أنهما كانا من أقوى الحلفاء في المنطقة، أوضح الشباب أن أمريكا هى صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة، وهي التى تصنعها ثم تقف إلى جانب من تكون له الغلبة.
وأضاف الشباب أن نجاح الثورة فى تونس ومصر كان مفاجأة لأمريكا ، لكن اهتمامها بمصر كان الأكبر بسبب وضع مصر وأهميتها الى الحد الذى عقد معه مجلس الأمن القومي الأمريكي 17 اجتماعا خلال الثورة، بينما عقد اجتماعين فقط أثناء الثورة التونسية ، وهو ما يشير إلى أهمية مصر بالنسبة للعالم وليس بالنسبة للمنطقة العربية والشرق الأوسط فحسب.
وتابع الشباب أن الولايات المتحدة ستسعى الى السير فى الطريق نفسه ليتحول الأمر الى مجرد تغيير أشخاص ، لكن هذه المحاولات لن تنجح لأن الشعب المصري أكثر وعيا ولن يتراجع عما حقق وسيعود للثورة ولميدان التحرير في أي وقت.
وبالنسبة للنظرة الى مفهوم التجربة التركية ونظام الدولة كدولة علمانية ديمقراطية إسلامية معتدلة ، أكد ممثلو شباب ثورة 25 يناير أن ما يعنيهم من التجربة التركية ليس الماضي فقط، وإنما التاريخ أيضا، لأن عودة تركيا إلى دورها وعودة مصر لدورها، يمكن أن يؤدي إلى توحد الأمة الإسلامية بإرادة الشعوب.
وأضاف الشباب أنهم ينظرون إلي التجربة التركية من زاويتين الأولى زاوية حركية السياسة نفسها وارتباطها بالواقع والمجتمع حيث لمع نجم رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من نجاحه كرئيس لبلدية اسطنبول، فضلا عن نجاح السياسة الخارجية لتركيا، لاسيما سياسة ''صفر المشاكل مع دول الجوار'' التي طبقتها حكومة أردوغان بنجاح ، وترسيخها مبدأ قبول الآخر.
وأشار الشباب إلى أن اهتمامهم بتجربة تركيا لا يقتصر فقط على نموذج حزب العدالة والتنمية فحسب، وإنما اهتمامهم أيضا يعود الى تجربة رئيس الوزراء رئيس حزب السعادة الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان، لافتين الى أن تركيا استعادت مكانتها فى المنطقة بسبب تدخلها فى مختلف قضايا المنطقة وهو ما أثار حفيظة نظام مبارك، وأصبح هناك حديث دائم عن التنافس بين مصر وتركيا ، لكن على مستوى الشارع هناك قبول كبير جدا لشخصية اردوغان وحزبه وسياساته ، وهناك كثيرون ممن يريدون إطلاق أحزاب على غرار نموذج العدالة والتنمية.