رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الرئيس السوري بشار الأسد ضيعته حاشيته التي أوهمته بأن شعبه يحبه ولن يخرج في يوم من الأيام للمطالبة بالحرية، خصوصا الطبقة الوسطى التي كانت في بداية المظاهرات مع النظام إلا أن أخطاءه المتكررة ووحشيته في قمع المظاهرات، دفعت تلك الطبقة للمظاهرات الأمر الذي رجح كفة المطالبين بالحرية.
وقالت الصحيفة اليوم السبت إن :" بشار الأسد قدر بأن الشعب فعلاً لن يخرج مطالباً بالحرية لسببين أساسيين، أولهما لأن تملق حاشية الأسد والمستفيدين من النظام جعله يعتقد أن الشعب مع رئيسه وحكومته بأغلبيته الساحقة وهذا بدا جلياً في الغبطة التي بدت في تعابير وجه الأسد بينما كان يصفق له مجلس الشعب ويقومون بإلقاء الشعر وترديد شعارات المديح.
والثاني هو أن إحكام القبضة الأمنية في سوريا على الشعب جعله يعتقد بأن الأقلية التي هي ضد حكمه سوف لن تتحرك لخوفها من بطش مكاتب الاستخبارات المنتشرة في كل أنحاء سوريا. ولكن رغم حاجز الخوف الهائل الذي قام ببنائه النظام على مدى أكثر من أربعة عقود، إلا أن الأسد قد خسر رهانه، وتمت تعريته من قبل المتظاهرين في سبيل الحرية أمام الذين دائماً اعتقدوا أنه الشخص الأنسب لقيادة سوريا.
وأضافت الصحيفة :" لكن منذ بدء المظاهرات يظهر جلياً انقسام كبير في المجتمع السوري، فحتى ضمن العائلة الواحدة هناك انقسامات وتجاذبات مبنية على الولاء للنظام أو معارضته. وينقسم السوريون في ولاءاتهم إلى ثلاثة اقسام فمنهم من يدعم الثورة بحماس كبير بسبب يأسهم وإحباطهم من الواقع السوري، ومنهم من يدعم النظام بسبب استفادته المباشرة من هذا النظام وخصوصاً المقربين من بشار الأسد وكبار ضباط الأمن والجيش وعائلاتهم.
أما الفئة الثالثة فهم من يدعم النظام بسبب خوفهم من المستقبل المجهول ومنهم كبار رجال الأعمال ومعظم الطبقة الوسطى التي تدعم النظام، وترى هذه الفئة الثالثة المدن السورية تستحيل كانتونات عسكرية لأول مرة في تاريخ سوريا الحديث، وترى في المظاهرات مقدمة لحرب أهلية أو سيناريو ليبي آخر.
وتوضح أن أخطاء النظام المستمرة تؤدي إلى تحول الكثير من الفئة الثالثة من مناصريه إلى معارضين له كل يوم، حيث عدا عن أن الإعلام الحكومي الذي ينتمي إلى حقبة متحجرة عفا عليها الزمان يقوم بنشر أكاذيب بطريقة تستفز مؤيدي النظام أكثر من معارضيه، هنالك أجهزة الأمن الوحشية التي حكمت البلد لعقود والتي يصعب عليها تصور ما يحدث بعد أن كانت ترى كل من يفتح فمه ويهمس بكلمة عن الإصلاح وحقوق الإنسان يمحى من الوجود من قبل هذه الأجهزة حيث يسجن لسنوات طويلة ويضطهد ويعذب والآن ترى تظاهرات تطالب بإسقاط النظام، فتقوم هذه الأجهزة الأمنية باقتحام المشافي والجوامع وقتل المتظاهرين وإرهاب الشعب.
وتتخبط الحكومة كما تخبطت كل الحكومات التي واجهت وتواجه الثورات من قبلها وتصعد الأمر إلى حد شن الحرب على الشعب كما فعلت الحكومة في درعا والرستن وأماكن أخرى.
وقامت الحكومة السورية بمحاكاة التكتيكات التي استخدمت من قبل الحكومات الأخرى لقمع المظاهرات، وقامت خصوصاً بتقليد الأسلوب الليبي مع التطوير فيه. حيث قامت الحكومة باستخدام قناصة محترفين وقام هؤلاء القناصة باستهداف المتظاهرين في رؤوسهم وقتلهم الفوري حيث استخدم الرصاص المتفجر الذي ينفجر داخل الرأس ويحدث تشوهات عنيفة لإرهاب المتظاهرين. كما قامت الحكومة بتجنيد الشبيحة –وهي عصابات مسلحة موالية للنظام تقوم بعمليات التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة- لإثارة الفوضى وإثارة النعرات الطائفية، حيث تقوم فرق الشبيحة بفتح النار على الناس من سيارات ودراجات نارية مسرعة، كما تقوم بالاندساس بين المتظاهرين وإطلاق هتافات طائفية.
وقامت الحكومة أيضاً باستخدام التمثيلية السلفية، وتم تجنيد أناس يرتدون الجلابيات البيضاء وذوو لحى طويلة ليذهب هؤلاء ويطلق الرصاص المطاطي على عناصر الأمن والشرطة ويطلق شعارات طائفية وتكرر ذات السيناريو في ثلاثة مواقع بدمشق وريفها، وعندما قام المتظاهرون برشق هؤلاء المتنكرين بزي إسلامي بالحجارة في منطقة حرستا في ريف دمشق التجأوا للاختباء في مخفر الشرطة، واتضح للمتظاهرين بعدئذ أن الشرطة قامت بحماية هؤلاء.
ومما يؤكد أن هذا كان تمثيلية حكومية هو أنه في كل السيناريوهات المشابهة استسلم هؤلاء السلفيون لعناصر الأمن دون وقوع أي إصابة لا بين صفوف الأمن ولا السلفيين.