ميزانية رئاسة الجمهورية ممنوع الاقتراب.. ممنوع السؤال.. ممنوع المراقبة.. قائمة من الممنوعات حول ميزانية الرئاسة للرئيس المخلوع وأسرته ورغم أن الحكومة السابقة وضعت أصابعها العشرة في »الشق« من المستشار جودت الملط رئيس المركزي للمحاسبات بسبب تقاريره عن كشف موازنات فساد الوزارات إلا أن ميزانية الرئاسة الوحيدة وصلت الي 40 مليار جنيه في عهد مبارك كانت مستثناه من مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات بأوامر من جودت الملط نفسه كما غابت ميزانية الرئاسة أيضا عن رقابة أعضاء مجلس الشعب وكان أحمد عز أمين لجنة الخطة والموازنة يغضب عندما يتدخل أحد ويسأله عن ميزانية الرقم الواحد كما يطلق عليها.
ورغم وجود عشر جهات رقابية في مصر من بينها مباحث الأموال العامة وجهاز الكسب غير المشروع والرقابة الإدارية والنيابة الإدارية والهيئة العامة للرقابة المالية بالإضافة الي الجهاز المركزي للمحاسبات إلا أنها جميعا عطلت باتجاه ميزانية الرئاسة والانفاق علي أسرة الرئيس المخلوع والسؤال الآن.. ما مصادر هذه الميزانية وكيف تنفق؟! مصادر مطلعة أكدت لـ»الوفد الأسبوعي« أنها تأتي من مصدرين أولهما: قناة السويس حيث يقتطع مليار جنيه من دخلها الـ3 مليارات لمخصصات الرئاسة والمصدر الثاني منجم السكري الذي يعد من أكبر مناجم الذهب في مصر.
وحتي تنعم أسرة المخلوع تم تخصيص جزء من دخل تذاكر مترو الأنفاق الذي يقدر متوسط دخله بـ15 مليون جنيه سنويا.
وبدأت أزمة مخصصات الرئاسة في الظهور عند مناقشة الموازنة العامة للدولة عام 2008 بلغت 310 مليارات جنيه فبلغ نصيب الدين العام 90 مليارا وأخري للأجور والمرتبات تشمل 5.5 مليون موظف و90 مليارا أخري قيمة الإنفاق الحكومي تستحوذ الصحة والتعليم علي النصيب الأكبر حتي تذهب 37 مليارا للتعليم و35 للصحة و18 مليارا للدعم منها 14 مليارا لدعم رغيف الخبز في حين التهمت مخصصات الرئاسة 40 مليار جنيه أي حوالي نصف المبلغ المخصص لصحة وتعليم المصريين، وكانت ترد توجيهات من أحمد عز امبراطور الحديد بعدم مناقشة مخصصات الرئاسة بل يجبر أعضاء اللجنة علي ذلك، حتي عند مناقشة الموازنة كانت ميزانية الرئاسة تحت بند »مصروفات سرية« وكانت تتراوح بين 20 الي 23 مليار جنيه خلال عام 2007 ودائما ماكان أحمد عز يشير للأعضاء المعارضين وحتي عندما حاول سعد عبود »هتك« أسرار الرئاسة عندما أعلن مبارك في 2007 عن تبرعه بـ20 مليون جنيه لأحد المستشفيات كدعم للأجهزة الطبية وعندما حاول عبود أن يكشف عدم توافق راتب الرئيس وحجم المبلغ المتبرع به سارع زكريا عزمي الي تأكيد أن ذلك التبرع ليس من جيب الرئيس بل كان من مخصصات رئاسة الجمهورية وبرغم ذلك لم يتم الكشف عن هذه المخصصات؟!
لم تنجح أي من المحاولات في عهد الرئيس المخلوع للكشف عن السر الحربي المتمثل في مخصصات الرئاسة رغم أن المصريين هم دافعو الضرائب ومن حقهم أن يعلموا أين ينفق كل جنيه، ففي عام 2005 تمت مناقشة فقد 15 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة وتبين بعد ذلك أن هذه المليارات كانت تخص أذونات صرف لرئاسة الجمهورية وفور تولي بطرس غالي وزارة المالية في نفس العام أقر في قانون الموازنة العامة للدولة »بند المصروفات السرية« وتم تخصيص مبالغ مالية لبعض الوزارات السيادية وغيرها وأيضا وزارة الإعلام والبترول والتضامن الاجتماعي ومنذ ذلك التاريخ وتعرف الميزانية باسم »الرقم الواحد« وظلت كذلك في الجريدة الرسمية دون تفاصيل لذلك الرقم لكن الرقم المعلن غير الرقم الحقيقي، فرغم إعلان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أن ميزانية الرئاسة زادت 13 مرة منذ تولي المخلوع الرئاسة إلا أن ما ذكره الملط لا يمثل ا من 10 »أو« من ميزانية الرئاسة.
قال الملط إن الميزانية ـ الرئاسية ـ بلغت خلال العام المالي 1980-1981مبلغ 13.8 مليون وتدرجت الي أن بلغت في العام المالي 2009-2010 مبلغ 252.6 مليون جنيه، وأشار الملط الي حسابات الصناديق الخاصة بالرئاسة ومنها صندوق الأنشطة الإنتاجية والخدمية التي بلغت إجمالي هذا الصندوق في 2009-2010 مبلغ 1.2 مليون جنيه كما يوجد في حساب صندوق المؤتمرات والخزانة 14 مليون ونصف وفي صندوق مجمع الأديان مليون دولار و576 ألف جنيه وبرغم الأرقام التي أعلنها الملط فإن أرقامه مشكوك في صحتها لكونه أصدر تعليماته بعدم مراقبة ميزانية رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وهيئة الرقابة الإدارية، ومن المعروف أن جهاز المحاسبات يتبع رئاسة الجمهورية وهي الجهة التي يقدم اليها أول تقاريره عن المخالفات المالية ويخضع تعيينه لرئيس الجمهورية مباشرة فهل كان يستطيع أن يكشف مخالفات الرئاسة؟
وإذا كانت مخصصات الرئاسة وصلت الي 40 مليار جنيه في 30 سنة قضاها مبارك وأسرته في سدة الرئاسة فأين كانت تذهب هذه الأموال؟ المصادر تشير الي أن رئاسة الجمهورية عبارة عن 18 قطاعا ومكتبا وإدارة، تشمل مكتب رئيس الديوان الذي كان يشغله زكريا عزمي وإدارة المستشار القانوني وعلي رأسهم المستشار محمد الدكروري وآخرون من مجلس الدولة والإدارة المركزية للتحرير والترجمة والإدارة المركزية للتخطيط والتنظيم والتفتيش والإدارة المركزية القانونية وإدارة الإعلام ومكتب شئون اللاجئين السياسيين ومساعد رئيس الديوان للشئون المالية والأفراد وكان علي رأس الإدارة كاتم أسرار زكريا عزمي، سمير السيوفي مهندس سابق بالقوات الجوية وإدارة مساعدي رئيس الديوان للشئون الإدارية ومساعدي رئيس الديوان للشئون الهندسية وديوان كبير الياوران الذي كان يرأسه إسماعيل سرهنك، وديوان كبير الأمناء الذي كان يرأسه اللواء سعيد زادة وإدارة الخدمات الطبية التي كان يرأسها الدكتور طه عبدالعزيز حتي عام 2008 والإدارة المركزية للعلاقات العامة والإدارة العامة للطيران والإدارة العامة للجوازات والإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وأخيرا الإدارة المركزية للأمن وتستهلك هذه الإدارات 100 مليون مرتبات سنوية من مخصصات الرئاسة بواقع 8 ملايين ونصف المليون شهريا.
ويتم تدعيم بعض الصناديق الخاصة بمبالغ مالية وهي الصناديق التي أشار اليها الملط في تصريحاته حول مخصصات الرئاسة بجانب تخصيص رئاسة الجمهورية مبلغ مليون جنيه لرعاية 1000 أسرة يهودية في القاهرة والاسكندرية ويوضع ذلك الحساب في ميزانية وزارة التضامن الاجتماعي تحت »مصروفات سرية« للوزير وكان تستخدم حتي وجود علي مصيلحي وزير التضامن السابق في الوزارة.
وبحسبة بسيطة للغاية فإن مبارك وأسرته يتبقي لهم أكثر من مليار جنيه توضع تحت تصرفات مبارك وعائلته وكشف مصدر سابق بالرئاسة أن مبارك لم يكن يفضل شراء الأطعمة من الخارج، لكن سوزان كانت تفضل شراء الأطعمة والحلويات الفرنسية من باريس وكذلك صار جمال مبارك وزوجته خديجة علي نهج سوزان بل كان منير ثابت وعائلته يصلهم الطعام المستورد علي حساب رئاسة الجمهورية ولغرائب الأقدار كما يضيف نفس المصدر أن عائلة »المخلوع« كانت تفضل الأزياء الفرنسية علي غرار العائلة الملكية التي حكمت مصر حتي 1952 برحيل الملك فاروق.
وتشير مصادرنا الي أن سوزان لديها »هوس« الشراء للدرجة التي وصلت الي شراء التحف الفنية العالمية من مختلف دول العالم ووصل ذلك الهوس بالهانم لدرجة أنها كانت ترسل في طلب أزيائها ومجوهراتها بما يعرف بـ»القطعة الواحدة« التي تصمم من أجلها ولا يرتديها غيرها وبالطبع فإن ذلك يكلف الرئاسة أموالا طائلة.
ويضيف المصدر أن سوزان مبارك تنفق نحو 3 ملايين دولار سنويا علي شراء الملابس والعطور الفرنسية ومستحضرات التجميل وبعض الأدوية الخاصة بها وتشمل قائمة المصاريف داخل الرئاسة استيراد المياه المعدنية والألبان والخبز والزيوت، لوزام مطبخ الرئاسة، ولا يعلم علي وجه الدقة، المبالغ التي تم تخصيصها سنويا لهذه المنتجات.
ورغم استيراد الأطعمة فإن الأورام السرطانية زحفت الي الرئيس بخلاف زوجته سوزان التي تعاني »لوكيميا الدم« نتيجة أمراض وراثية وهو ما انتقل أيضا الي الوريث جمال مبارك.