خير الدين بربروس
سلوا عنه .......... ذلك في ترجمته إن شاء الله
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) وبعد
أهدي هذه الكلمات إلى
كل مسلم غيور على دينه وعلى تاريخ أمة الإسلام والمسلمين
كل أجدادنا العظماء من قادة وعلماء وفاتحين وربانيين
الدولة العثمانيـــة
المجاهدين العظماء الأتقياء الأنقياء الذين باعوا الثمين بلا ثمن
سلاطين البحار ( الإخوة بربروس )
وحش وحوش البحار ( خير الدين بربروس )
وأخيرا إلىكل مزيفي التاريخ من( مستشرقين ، ومستخربين ، وكل رويبضة ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )
" سترى غدا ، وإن غدا ليس ببعيد ، أن جنودك ستتطاير أشلاؤهم ، وإن مراكبك ستغرق ، وإن قوادك سيرجعون إليك مكللين بعار الهزيمة " خير الدين بربروس لـشارل كان ملك إسبانيا
كلمات خالدات ، وسطور نيرات ، كتب بمداد من ذهب ، على صفحات من نور ، سطرتها أيادي الأبطال ، وخضبت بدماء الشهداء ، فلا نامت أعين الجبناء .
يسرني أن أقدم لإخواني الأعزاء مذكرات وحش البحار الإسلامية ، وقائد أساطيلها ، ومذل البحرية الصليبية وقاهر جيوشها ، البطل المقدام والأسد الضرغام أمير البحار الإسلامية ( خير الدين بربروس ) رحمه الله ...
وكنت منذ زمن أتتبع هذه المذكرات واسأل الله تعالى أن يمن علينا بمن يقوم بترجمتها من اللغة التركية إلى اللغة العربية ، وظللت على أمل حتى من الله علينا وقيض الأستاذ الدكتور ( محمد دراج ) الأستاذ بجامعة مرمرة والذي بدأ بترجمة هذه المذكرات النفيسة من التركية إلى العربية ، وبدأ بنشرها على موقع الشهاب ومنتديات أخرى ، وأخذ يصدرها في صورة حلقات متسلسلة ، وكنت أنتظر حتى تكتمل الحلقات كلها وأقوم برفعها على المنتدى ، ولكن الله عز وجل قدر وكان من الأسباب التي دفعتني للبدء في نقل المذكرات والتعليق عليها هو طلب الأخ الحبيب ( سيف الأزهر ) لها ، فعزمت على رفعها على صفحات قسم التاريخ سائلا الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم بها ...
وأوجه عظيم الشكر والثناء والتقدير للدكتور ( محمد دراج ) جزاه الله عنا وعنه الإسلام خيرا وجعل هذا العمل في ميزان حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه
ملحوظة / أرجوا من كل ذو لب وفهم أن يقرأ هذه المذكرات النفيسة بقلبه لا بعقله ، لكي يحس ويستشعر مدى العزة والعظمة التي عاش في ظلها المسلمون لقرون مديدة ، ويرى ويشاهد مدى المذلة والمهانة التي كان يعيش فيها أعداء الإسلام ، وسيرى أيضا مدى الديانة والغيرة على الدين التي كان يتحلى بها سلاطين البحار ( الإخوة بربروس ) عليهم رحمة الله ، ويرى بطولاتهم وتضحياتهم وجهودهم في إعلاء كلمة الله خفاقة على أراض وبلاد لم ترفع فيها راية التوحيد قط ، كما سيشاهد أيضا مدى الكفاءة والبراعة في القيادة وإدارة الحروب والمعارك التي اتسموا بها . كل ذلك في تطوافة جميلةرائعة مليئة بالأحداثالعظام والأمور الجسام فكانت صفحات مشرقة من تاريخ أمتنا العريقة نسأل الله عز وجل أن يعيد علينا هذه الأيام إنه ولي ذلك والقادر عليه وأترككم مع المذكرات وآسف على الإطالة .
لأول مرة باللغة العربية
مذكرات البحار المجاهد خير الدين بربروس رحمه الله ( 1 ) ترجمة: د. محمد دراج – جامعة مرمرة
خير الدين بربروس ( رحمه الله )
* توطـئـــــــــــة *
تعد شخصية المجاهد خير الدين بربروس شخصية أسطورية بكل المقاييس، فقد تحولت حياته إلى نوع من الأسطورة التي تتجاوز الواقع لتحلق في ما ينسجه الذهن من صور متناقضة من البطولة أو الإرهاب بلغة هذه الأيام. إن مجرد ذكر اسم هذا المجاهد البطل حتى تمتزج الأسطورة الخارقة والخيال الجامح بالحقائق التاريخية فهو عند المسلمين محرر نصر المستضعفين في العديد من الدول خاصة في سواحل شمال إفريقيا وجنوب أوروبا وهو بالنسبة للأوروبيين قرصان مارد تكبدوا على يديه خسائر فادحة في الأرواح والثروات .
الكتاب الذي سنقوم بترجمته ونشره في حلقات عبر موقع الشهاب، عبارة عن مذكرات أملاها البحار التركي خير الدين بن يعقوب باشا الشهير بلقب " بربروس"(1) على زميله البحار الأديب الشاعر " سيد علي المرادي " بناء على طلب من السلطان العثماني الكبير سليمان القانوني .
وتوجد نسخ مخطوطة للكتاب بمكتبة جامعة إسطنبول، ومكتبة طوب كابي سراي بإسطنبول. كما ترجم الكتاب إلى الفرنسية، والإيطالية، والانجليزية، والإسبانية. وقد نشر ابتداء من القرن التاسع عشر الميلادي ولكن بتعديلات كبيرة. وصدر الكتاب بأسماء مختلفة وبتعديلات كبيرة وبأسماء عديدة ومنسوبا إلى غير ممليه أو كاتبه وإنما إما باسم ( مؤلف مجهول ) أو بأسماء من ترجموه إلى اللغات الأخرى. فبدت النسخ المترجمة إلى تلك اللغات وكأنها لا صلة تربطها بالكتاب الأصلي. كما أجريت حول المذكرات دراسة أدبية في جامعة سلجوق بقونيا ( تركيا ) في قسم الأدب الإسلامي التركي باسم : خير الدين بربروس ومذكراته .
قام الباحث التركي أرتوغرول دوزداغ بتحويل الكتاب إلى قصة ملحمية محتفظا بنفس العنوان (غزوات خير الدين بربروس). كما قامت القيادة العامة للبحرية التركية بنشرالمذكرات باللغة التركية الحديثة مع تعديل بسيط في صياغتها. أما المؤرخ التركي يلماز أوز تونا فقد قام بتهذيبها ونشرها باللغة التركية الحديثة في مجلة الحياة التاريخية عام 1967. قبل أن يعيد نشرها كاملة في كتاب عام 1995 .
وقد قمنا باختيار النسخة المهذبة التي نشرها الأستاذ أوز تونا لكونه لم يتدخل في النص الأصلي إلا بشكل بسيط جدا حسبما ذكره هو بنفسه. فحافظ بذلك على روح النص الأصلي بما يسمح للقارئ أن يعيش في الجو الفكري والنفسي الذي كتبت فيه تلك المذكرات.
من جهتنا لم نقم بأي تدخل في أصل المذكرات. بل قمنا بترجمتها كما هي ماعدا بعد التحويرات اللغوية البسيطة للمحافظة على الانسياب اللغوي العربي.
وسأكون سعيدا بأي ملاحظة يتفضل الإخوة القراء بإبدائها، أو استفسار يتعلق ببعض الأسماء، أو الأماكن، أو المصطلحات، أو الحوادث التي ترد في المذكرات لكي أقوم بتوضيح ما يلزم توضيحه.
أما فيما يخص التفاصيل العلمية المتعلقة بالمذكرات، والترجمة الكاملة لخير الدين بربروس فسوف أقوم بنشرها عبر مجلة (المقدمة) إن تيسر لنا ذلك قريبا إن شاء الله.
آمل أن أكون بنشر هذه المذكرات قد ساهمت بإضافة قطرة إلى بحر الجهود المخلصة التي يبذلها الكثير من الجنود المجهولين الذين إذا حضروا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا.
عروج بربروس ( رحمه الله )* المـذكــــرات *بدأت إملاء مذكراتي بأمر من السلطان سليمان القانوني
في أثناء اتصالي بالسلطان سليمان خان بن سليم خان، ورد عليّ فرمان سلطاني، هذا نصه :
"كيف خرجت أنت وأخوك أروج من جزيرة ميديللي، وفتحتم الجزائر ؟ مالغزوات التي قمتم بها في البر والبحر حتى الآن ؟. دوّن كل هذه الحوادث بدون زيادة أو نقصان في كتاب. وعندما تنتهي أرسل إليّ نسخة لأحتفظ بها في خزانتي ".
عندما استلمت هذا الأمر، استدعيت أحد أرباب القلم، زميلي في الكثير من غزوات البحر "المرادي"، وأخبرته بفرمان السلطان. فبدأنا على الفور في التدوين. أنا أملي، و" المرادي " يكتب :
استقرار أبي يعقوب آغا في ميديللي وزواجه بأمي
عندما فتح السلطان محمد الفاتح جزيرة ميديللي، أمر الأتراك بالاستيطان في الجزيرة، فكان أبي أحد المستوطنين الأوائل، كما كان ابنا لأحد فرسان السباهية(2)، كما كان هو نفسه سباهيا أيضا. وكانت له في منطقة واردار المجاورة لسلانيك أرض إقطاع وهبت له بأمر من السلطان محمد الفاتح، عندما استقر بالجزيرة.وهكذا، فعندما انتظمت أمور والدي من جديد، تزوج إحدى بنات أهالي الجزيرة. كان أبي أنيقا شجاعا. أنجبت له أمي أربعة أخوة هم : إسحاق الذي كان أكبر إخوتي، ثم أخي أروج، ثم أنا خضر، ثم إلياس. مدّ الله في عمر الجميع، ورزقهم النصر.كان أخي إسحاق مقيما في قلعة ميديللي. أما أنا وأخي أروج فقد كنا مولعين بركوب البحر.
اقتنى أخي أروج سفينة، وانطلق بها للتجارة في البحر، بينما اتخذت أنا مركبا ذا 18 مقعدا. كنا في البداية نتنقّل بين سلانيك وأغريبوز، نجلب منهما البضاعة، ونبيعها في ميديللي. إلا أن أخي أروج لم يقتنع بهذه الأسفار القريبة. إذ كان يرغب في الذهاب إلى طرابلس الشام. وذات يوم غادر ميديللي مع أخي الصغير إلياس، متوجهين إلى طرابلس.
* وقوع أخي عروج أسيرا في أيدي كفار رودس ومكوثه عندهم بضع سنين *
لم يتمكن أخي أروج من الوصول إلى طرابلس الشام، فقد صادف في طريقه سفن فرسان جزيرة رودس، واشتبك معهم في معركة كبيرة، سقط على إثرها أخي إلياس شهيدا، رحمه الله. بينما استولى الكفار على السفن، وأخذوا أروج أسيرا بسفينته إلى رودس مقيدا بالسلاسل. عندما وصل الخبر إلى ميديللي، حزنت وبكيت عليه كثيرا. لكنني شرعت في الحال أبحث عن سبيل لإنقاذ أخي.قلعة الفرسان بجزيرة رودس
كان لي صديق كافر يدعى كريغو يقوم بالتجارة مع جزيرة رودس. أخذته معي في سفينتي، وقدمت به إلى بدروم، وقلت له :- "اليوم تتبين الصداقة. خذ هذه ال: 18.000 أقجة(3)، وأعنِّي على إنقاذ أخي. اذهب إلى رودس، وانظر الأمور هناك. وسوف أنتظرك في بودروم ".- كريغو: "على الرأس والعين"، قال ذلك، ثم مضى إلى رودس. وهناك قابل أخي أروج رئيس وقال له :- "أخوك خِضر يسلم عليك، ويدعو لك كثيرا. وهو في غاية الحزن عليك بسبب وقوعك أسيرا في أيدي الكفار. ولا يكاد يكف عن البكاء عليك ليلا أو نهارا. وقد أرسلني إليك. وهو الآن في بودروم ينتظر أخبارا سارة عنك ".عندما سمع أروج ذلك من كريغو بكى من شدة الفرح، وقال له :- "سلّم على أخي خضر. يجب أن لا يعلم أحد سبب قدومك إلى الجزيرة، وسنلتقي في أول فرصة تتاح لنا ".كان أروج رئيس يعرف في رودس رجلا مشهورا يدعى : سانتورلو أوغلو. كان يأتي أحيانا لرؤية أخي أروج، ويتفقد أحواله. قال له أخي يوما :- "إن فرسان رودس لن يبيعوني لأخي خضر، لكنهم ربما يبيعونني لك. فإن هرّبتني من الجزيرة، فإنني سوف أؤدي لك ديْنك في المستقبل".سانترلوأغلو:- "بكل سرور، إذا باعوك فإنني سأشتريك، لكني إذا طلبت منهم ذلك مباشرة فإنهم سيشتبهون في الأمر. والأفضل أنك عندما تنزل إلى المدينة ذات يوم تظاهر بمرورك على دكاني، ولكن إيّاك أن تنظر إلى الدكان مباشرة لئلا يعلموا بأني أعرفك. سأتظاهر بأني أراك صدفة عندما تكون مارا، وأعبّر لهم عن إعجابي بك، وأرجو الفرسان أن يبيعوك لي ".عندما سمع أروج هذه الكلمات سُرّ كما لو صار طليقا. كم كانت حياة الأسر أليمة بالنسبة له.في أحد الأيام، كان سانتورلو أغلو جالسا أمام الدكان يتبادل أطراف الحديث مع فرسان جزيرة رودس، وإذا به يرى أروج رئيس مارّا أمام الدكان، كأنه يريد الذهاب إلى الخدمة. فقال لمن معه من البحارة :- "لمن هذا الأسير الذي يغدو ويروح. أراه دائما يمرّ من هنا يخدم بحيوية ونشاط. لو يقبل صاحبه بيعه لاشتريته ". عندئذ قال أحد القباطنة :- "أنا صاحبه، إذا تريد شراءه أبيعه لك ؟ ".- "كم تريد ؟ ".- " أرد ألفا من الذهب ".- " هذا مبلغ كبير ".- " حسنا، أتركه لك بثمانمائة ".وقبل أن تتم عملية البيع، أُلغيت الصفقة. فقد علم الفرسان بأن أروج تاجر معروف. وقالوا :- " إن أخاه خضر رئيس في بودروم، وهو مستعد لدفع 10.000 ذهبا. وإذا كانت قيمته تساوي :10.000 هل يمكن أن يباع ب: 800 ؟ ".
أعادوا لسانتورلو أوغلو ماله، واستعادوا أروج. لقد علموا قيمته الحقيقية من كريغو، الذي كان قد احتال عليَّ في ال: 18.000 التي دفعتها له، وأعلم الفرسان باستعدادي لإنقاذ أروج.
منزل المعلم الأعظم لطائفة الفرسان من الداخل
وعلى إثر هذه الحادثة، ألقى الرودسيون أروج في زنزانة تحت الأرض، لكي لا أجد أيَّ حيلة تمكنني من إنقاذه. وجعلوا يعذبونه أكثر من ذي قبل. وضعوا الأغلال في يديه ورجليه وعنقه. إلا أنهم كانوا يعطونه من الطعام ما يسدّ به الرمق.
لم يتمكن اروج من تحمّل هذا العناء كثيرا. فطلب مقابلة ضابط الزنزانة التي حُبس فيها. فأذن له في ذلك. وعندما خرج سأله الضابط :
- " لماذا جئت ؟ ".
- " ما لذي تريدونه من وراء هذا الإيذاء الذي تلحقونه بي ؟ ".
- " اعلم أيها التركي : كيف تحاول إنقاذ نفسك بدفع 800 ذهبا. إن أخاك خير الدين رئيس ينتظر إنقاذك بمال الدنيا في بودروم. فهل تظن أنه لا علم لنا بذلك ؟ أم تظن أننا حمقى ؟ ".
- " كم تريدون أن أدفع لكم، لإطلاق سراحي ؟ ".
- " وأنت، كم تدفع ؟ كم تقدر نفسك ؟ ".
- " أنا أقدّر نفسي بجميع محصول الروملي من الشعير، وجميع المصاريف اليومية التي تدفع في الأناضول، بالإضافة إلى 100.000 ذهبا، أدفعها لكم " !!!!.
- " أيها المجنون ؛ استمر في سخريتك وتهكمك. سوف ترى كيف تكون عاقبتك ".
بعد هذه المحاورة، أمر الضابط الحانق رئيس السّجّانين بمعاملة أروج أسوأ مما كان يعامله من قبل. انزعج أروج كثيرا من هذا الوضع. وفي إحدى الليالي كان يبكي، ويدعو في زنزانته وحيدا :
- " يا رب : أنت الذي تهب الفرَج للعاجزين، فأغث عبدك الضعيف بجاه حبيبك صلى الله عليه وسلم، وعجّل إنقاذي من ظلم هؤلاء الكافرين ".
قضى أروج تلك الليلة يدعو في ذِلَّةٍ وانكسار، حتى سقط في الحمأة، وغلبه النوم من شدة التعب. فرأى في منامه شيخا مشرق الوجه يقول له :
- " يا أروج : لا تحزن بسبب ما أصابك من الأذى في سبيل الله ؛ فإن خلاصك قريب ".
استيقظ أروج في غاية السرور لهذه الرؤيا، وقد تلاشت همومه، وانشرح صدره. وفي ذلك الصباح، اجتمع كل قباطنة رودس. كانوا يتحدثون عن أمر أروج.فقال أحدهم :
- " إن أعمال البحر ليست ثابتة. اليوم أروج، وغدا نحن. أرى أن الاستمرار في إيذاء هذا التركي ليس صوبا ".
وعلى هذا فقد قرروا إخراج أروج من الزنزانة، وربطه في إحدى السفن حيث صار أسيرا جذافا بها. ومع هذا فقد كان يقول :
- " إن العمل في الجذف على سطح البحر نعمة بالنسبة لمن رأى الأذى تحت الأرض. يا رب لك الحمد، فقد رأيت وجه العالم ".
* الحلقة القادمة: فرار أخي عروج من سفينة فرسان رودس ونجاته
( يتبع ) .............
(1) بربروس = اللحية الحمراء
(2) السباهي : اصطلاح يطلق على الفرسان الذين كانوا يستفيدون من أراضي الإقطاع التي كانت تمنح لبعض العسكريين مقابل دفع ضريبة الخراج لخزينة الدولة، والمساهمة في نفقات الحرب مع الاشتراك في الحرب بنفسه عند الحاجة إليه.انظر :M. Zeki Pakalın , Osmanlı Tarih Deyimleri ve Terimleri Sözlüğü. c. III. s. 230. M.E.B. İstanbul: 1993
(3) أقجة : تعبير يطلق على العملة الفضية التي كانت مستعملة في عصر خير الدين بربروس. انظر:Osmanlı Tarih Deyimleri ve Terimleri sözlüğü. c. III. s. 31
خير الدين بربروس ( 2 )
* فرار أخي اروج من سفينة فرسان رودس ونجاته *
في تلك الفترة كان الأمير كركود واليا على أنطاليا. وكان قد تعود على أن يشتري في كل سنة مائة من الأسرى الأتراك من فرسان جزيرة رودس، ويعتقهم في سبيل الله. فأرسل في تلك السنة حاجبه إلى رودس. فقام الرودسيون بفرز المائة أسير تركي، وتسليمهم إليه. كانت الاتفاقية تقضي بأن يحمل الأسرى في سفينة رودسية إلى سواحل أنطاليا. فقدر الله تعالى أن تختار السفينة التي كان أروج مقيدا بها لنقل الأسرى. ونظرا لقيمة أروج فإن الرودسيين لم يجعلوه ضمن المائة أسير الذين سيتم الإفراج عنهم.
ميناء أنطاليا بتركيا
كان أروج رئيس رجلا خفيف المزاج، متقنا للكثير من اللغات، لاسيما الرومية التي كان يتكلمها بشكل لا مثيل له. وكثيرا ما كان يتبادل أطراف الحديث مع القباطنة الرودسيين الذين يجيئون إلى سفينته وذات يوم قال القباطنة لأروج:
- "أيها التركي: أنت رجل حلو الحديث، خصوصا بلساننا الذي تعرفه جيدا. ما الذي وجدته في الإسلام ؟ تعال ادخل في ديننا وسوف يكون لك شأن كبير بيننا"!!
فأجابهم أروج قائلا:
- "أيها المجانين: كل شخص يروقه دينه. هل يوجد نبي أفضل من النبي محمد فأؤمن به؟".
- "إذن لتبق على حالك، وننظر كيف يخلصك نبيك من أيدينا. والآن لتستمر في الجذف".
* يجب أن تحذروا من أروج *
قال قسيس السفينة التي قيِّد فيها أروج للقباطنة محذرًا:
- "يجب أن تحذروا مما يقوله أروج، فلا تتحدثوا معه كثيرا. إنه يبدوا متعلما، ويعرف عن الإسلام أكثر مما أعرف عن المسيحية.. إياكم أن تغفلوا، فهو ملحد قادر على إضلالكم جميعا".
رست السفينة الرودسية في مكان موحش قريب من أنطاليا. حيث أُنزل حاجب الأمير كركود، ومعه المائة أسير، فُتركوا هناك. وفي تلك الليلة كانت تهبُّ ريح معاكسة، قرر الرودسيون بسببها انتظار الصباح. ثم قاموا بإنزال قارب السفينة والمضيِّ لصيد السمك. في هذه الأثناء هبَّت عاصفة شديدة لم يتمكن القارب بسببها من الدنوِّ من السفينة. فرسى في مكان بعيد من الساحل. انتهز أروج هذه الفرصة التي لم يكن فيها أحد يستطيع أن يرى فيها الآخر من شدّة الظلام الذي كان مُخيِّما على المكان. فحلَّ قيوده، وألقى بنفسه في البحر قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم". وراح يسبح حتى وصل إلى الساحل بسلام.
سجد شكرا لله، ثم سار حتى وصل إلى قرية تركية.
ميناء أنطاليا
وبينما هو يلتفت يمينا وشمالا باحثا عن شيء يستدل به على مكان وجوده إذا به يجد أمامه عجوزا تركية تقول له:
- "تبدوا كأنك قد جئت من طريق بعيد يا بنيَّ. تعال انزل عندي ضيفا في هذه الليلة".
أخذت العجوز أروج رئيس إلى بيتها، وأحضرت له الطعام، فأطعمته، وسقته، وغيرت له ملابسه. وأمضى عشرة أيام في تلك القرية التي كان أهلها يختصمون على استضافته في كل ليلة.
وأما الرودسيون فإنهم عندما حلَّ الصباح، وجدوا مكان أروج خاليا. فأدركوا أنه قد فرَّ. وعندما يئسوا من العثور على أروج راحوا يتساءلون في حيرة وقلق: "بأي وجه سنعود إلى رودس؟"
رجعوا إلى رودس والحسرة تأكل قلوبهم.وأما قسيس السفينة فقد أعلمهم بأن: "معرفة أروج بالسحر هي التي مكنته من الفرار".
ودَّع أروج العجوز، وغادر القرية. كان يريد الذهاب إلى ميديللي. فوصل إلى أنطاليا خلال ثلاثة أيام. حيث كان هناك رجل مشهور يدعى علي رئيس، يملك سفينة من نوع "قليون". يشتغل بالتجارة بين الإسكندرية و أنطاليا. وقد بلغته شهرة أروج رئيس.رحب بأروج قائلا:- "أهلا وسهلا بك يا بني، إن السفينة ليست لي، بل هي سفينتك". وبهذا صار أروج قبطانا ثانيا لسفينة علي رئيس.في هذه الأثناء، يئست من الانتظار في بودروم، فرجعت إلى ميديللي. وعندما وصل أخي إلى الإسكندرية بعث من هناك رسالة إلى ميديللي شرح فيها مغامرته. سررت كثيرا بنجاة أخي، وخلاصه من الأسر.
راية الخلافة العثمانية الإسلامية...........